الاعتراض الثاني؛ وهو: أنّ تعظيم النبي - صلى الله عليه وسلم - واجبٌ، وشدّ الرحال إلى قبره تعظيم = فشدّ الرحل إلى قبره واجب.
فيقال: إن مما لا يُخامر مسلمًا أنّ تعظيم النبي - صلى الله عليه وسلم - من لوازم شهادة أن محمدًا رسولُ الله؛ فهو من أعظم الواجبات، ومن أجلّ القربات، ومن مقتضيات الإيمان. ولا يتأتّى إيمانٌ بلا تعظيم، ومَن خلا قلبُه من تعظيم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلا امتراء في كفره. والأدلّة على وجوب تعظيمه - صلى الله عليه وسلم - كثيرة. ولكنّ " التعظيم " أصبح من الأحرف المُجْمَلة التي يندرجُ تحتها ما هو حقٌّ مطلوبٌ، وما هو باطلٌ مرفوضٌ. ومِن صور التعظيم ما جعله الله شركًا، أوجبَ لأصحابه البُعد والكفر، واستحقاق العذاب الأليم في النار، والخلود فيها.
فمناط كفر النصارى: رفعُهم لمرتبة نبي الله عيسى عليه السلام من رتبة العبودية والرسالة إلى رتبة الخالق سبحانه وتعالى.
قال الله تعالى:{لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ}[المائدة، آية: ٧٢]. فما كان ما ظنّوه تعظيمًا لنبي الله عيسى عليه السلام شافعًا لهم عند الله، ولا مُنْجيًا لهم من استحقاق عذابه، وسخطه، وذَمّه.
وقارَفَ أقوامٌ الشركَ الأكبرَ باسم تعظيم النبي - صلى الله عليه وسلم -، فصرفوا أنواعًا من العبادة؛ كالاستغاثة بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، ودعائه، والمبالغة في إطرائه، ووصفه بما هو من خصائص الله تبارك وتعالى؛ حتى قال بعضُ غُلاتِهم: