للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقول آخر:

محمّدٌ الحاوي المَحامِدَ لم يَزَلْ ‍ ... لمن في السماءِ السبعِ والأرضِ سيِّدا

ثمالي ومأمولي ومالي وموئلي ‍ ... وغايةُ مقصودي إذا شئتُ مَقْصِدا

شددتُ به أزْري وجَدَّدتُ أنعُمي ‍ ... وأَعْدَدْتُه لي في الحوادِث مُنجِدا

وقيّدتُ آمالي به وبحبِّه ‍ ... ومَنْ وجد الإحسانَ قيدًا تقيّدا

أَجِبْ يارسولَ الله دعوةَ مادِحٍ ‍ ... يراكَ لما يرجو من الخيرِ مَقْصِدا

توسَّل بي قُربًا إليك صويحبٌ ‍ ... ليمحو كتابًا بالذُّنوبِ مُسوّدا

وما زال تعويلي على جاهِك الذي ‍ ... يُؤَمِّلُه العبدُ الشقيّ ليُسْعِدا

فَقُم بابن موسى أحمد المذنب الذي ‍ ... رجاكَ وهب في الحشر موسى لأحمدا

فأعيت مسافاتٌ مواسمَ ربْحِهِ ‍ ... فحجَّ وما زار النبيَّ محمدا (١)

فنعوذ بالله من الضلالة بعد الهدى، ونعتصِمُ به من الشرك دقيقه وجليله. .

فهؤلاء تنكّبوا عن الجادّة، وخالفوا مقاصد بعثته - صلى الله عليه وسلم -؛ فإنه عليه الصلاة والسلام ما بُعِث إلاّ بالتوحيد، وإزالة رسوم الجاهلية، وتجريد التوحيد لله تبارك وتعالى.

وكما غلا أقوامٌ في تعظيمه، والخروج عن الحد المشروع في ذلك = جفتْ طوائف عن تعظيمه وتوقيره. والحقُّ وسطٌ بين الفريقين، وحسنةٌ بين السيئتين؛ بين غلو الغلاة، وجفاء الجُفاة.

وتحرير المقام يستدعي بيان سبب ضلال مَن ضلّ في تعظيمه - صلى الله عليه وسلم -؛ سواءً بجنوحه إلى طوائف الغلاة، أو إلى فريق الجُفاة. ذلك؛ أنهم فاتهم أنّ التعظيم عبادة شرعية؛ وقد سبق أَن العبادات لا تصح إلَاّ بعد توفر شَرطين، وهما:

- الإخلاص لله تعالى، وتجريد العبودية له.


(١) ديوان البرعي (١٩١ - ١٩٢)

<<  <   >  >>