فإذا تقرّر ذلك، واستبان لنا أن " تعظيم النبي - صلى الله عليه وسلم - " من جنس العبادات التي تُلتَمَسُ حدودُها من موارد الشرع، وأنّ الخروج عن هذه الموارد ابتداعٌ وضلالةٌ=علمتَ مدى خروج كثيرٍ من الناس عن مقتضى السَّنَن الأبْين، والصراط القويم في تعظيم النبي - صلى الله عليه وسلم -. فتعظيمه المشروع يدور على القلب، واللسان، والجوارح.
فتعظيم القلب: تابعٌ لاعتقاد كونه - صلى الله عليه وسلم - عبدًا منَّ الله عليه بالرسالة، وشرّفه بالعبودية، فينشئُ فيه استشعار هيبته - صلى الله عليه وسلم -، وجلالهِ - صلى الله عليه وسلم -، واستحضاره لمحاسنه، ومكانته - صلى الله عليه وسلم -، والمعاني الجالبة لحبّه.
وتعظيمُ اللسان: يكون بالثَّناءِ عليه بما هو أهله - صلى الله عليه وسلم -، مما أثنى به عليه الله تعالى، ومما أثنى به - صلى الله عليه وسلم - على نَفْسِه، مع التحرُّز من وَضَر التَّفْريط، أو الإِفراط. ومن أعظم ذلك: الصَّلاة والسلام عليه - صلى الله عليه وسلم -.
ومن تعظيم اللسان: تعداد فواضله وخصائصه - صلى الله عليه وسلم -،والتأدُّب عند ذِكره - صلى الله عليه وسلم -؛ بِقَرْنِ ذكر اسمه بلفظ النبوّة، أو الرسالة، مع الصلاة والسلام عليه - صلى الله عليه وسلم -.
ويدخل تحت سرادق هذا التعظيم = ذكر دلائل نبوّته - صلى الله عليه وسلم -؛ فإنَّ هذا الذِّكرَ مِمَّا يزيدُ في محبَّتِه - صلى الله عليه وسلم - التي تستولدُ بعد ذلك اتباعًا على نَهْجه - صلى الله عليه وسلم -، وتمسُّكًا بسنَّتِه - صلى الله عليه وسلم -؛ وذلك هو:
- تعظيمٌ بالجوارح: بلزوم سُنته - صلى الله عليه وسلم -، واتباع شريعتِه - صلى الله عليه وسلم -. فهذا التعظيم (١) هو المحكُّ الذي تتّضح به حقيقة الدعوى من زيفها. ولذا قال الله تعالى:{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} آل عمران، آية: ٣١
فمن جعل تعظيمه عليه الصلاة والسلام في مخالفته أمره - صلى الله عليه وسلم - = فقد