الثَاني: مِن جِهَةِ ما يأمر به الأَنبياء ويفعلونه، وما يأمر به السَّحرة ويفعلونه؛ فإنَّ الأنبياء لا يأمرون إلَاّ بالعدل، وطلب الآخرة، وعبادة الله وحده، وأَعمالهم البرُّ والتقوى، ومخالفوهم يأمرون بالشّرك والظلم ويُعظِّمون الدُّنيا، وفي أَعمالهم الإِثمُ والعدوان.
الثالث: أَن السحر والكهانة، ونحوهما أَمورٌ معتادة معْروفةٌ لأَصحابِها، ليْست خارقةً لعادتهم، وآياتُ الأَنبياءِ، وآياتُ الأنبياء لا تكون إلَاّ لهم ولمن تَبِعَهم.
الرَّابع: أنّ الكهانة والسِّحرَ يناله الإِنسان بتعلُّمهِ، وسَعيه، واكتسابه وهذا مُجرَّبٌ عند النَّاس، بخلاف النُّبوَّةِ فإنّه لا ينالها أَحدٌ باكتسابه.
الخامس: أَنّ النبوَّة لو قُدِّر أَن تُنال بالكَسْبِ، فإِنَّما تُنالُ بالأَعمالِ الصالحةِ، والصدق، والعدل، والتوحيد. لاتحصلُ مع الكَذِبِ على مَن دون الله؛ فضلًا عن أَن تحصُلَ مع الكَذبِ على الله.
السادس: أنّ ما يأتي به السحرة والكهان يمكن أَن يُعارض بمثله، وآيات الأنبياءِ لا يمكن أحد أن يُعارضها بمثلها.
السابع: أَن تلك ليست خارقة لعادات بني آدم، بل كُلُّ ضَرب منها معتادٌ لطائفة غير الأَنبياء؛ وأمَّا آيات الأَنبياء فليست معتادة لغير الصادقين على الله، ولمن صدَّقهم.
الثامن: أَنَّ هذه قد لا يقدر عليها مخلوق؛ لا الملائكة، ولا غيرهم: كإنزال القرآن، وتكليم موسى، وتلك تقدر عليها الجنُّ والشَياطين.
التاسع: أَن النبيَّ قد تقدّمه أَنبياء؛ فهو لا يأمر إلَاّ بجنس ما أَمرت به الرُّسل قبله، فله نُظَراء يَعتَبِر بهم، وكذلك السَّاحر، له نظراء يعتبر بهم.