للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبعد الكَشْفِ عن فساد الأَصل الّذي أَنكر المخالفون الحديثَ بسببه =يَسْتَبِين بطلان ردِّهم للحديث، فالحديثُ صحيح لا مطعن فيه لا من جهة إسناده، ولا من جهة متنه، وكلُّ من حاول الطعن فيه من جهة الصناعة الحديثية فقد رام نقض الإجماعَ.

وبيان وجه ذلك:

أَنّ الحديث مما اتفق الشيخان على إخراجه، وما أخرجاه قد أجمعت الأُمّة على تلقيِّه بالقبول (١) سوى أَحرفٍ يسيرة جرى بعض الحفَّاظِ على انتقادها أكثرها متعلِّق بالإسناد، ولم يكن هذا الحديث من تلك الأحرف التي استدركها الحفّاظ على البخاري ومسلم.

ومحصّل ذلك: أَنَّ من طعن في هذا الحديث بعد انعقاد هذا الإجماع =فقد وقع في الضَّلالة بعد الهدى لمخالفته سبيل المؤمنين، وعلى رأْسهم الأئمة الأَثبات الّذين هم أعلم النَّاس بما يصحُّ وما لا يصحُّ أن يُنْسَبَ للرسول - صلى الله عليه وسلم -،. يقول الإمامُ ابن قيِّم الجوزية في الكلامِ على هذا الحديث: (هذا الحديث ثابتٌ عند أَهل العلم بالحديث، مُتلقًّى بالقَبولِ بينهم، لايختلفون في صحته، وقد اعتاص على كثيرٍ من أَهل الكلام وغيرهم، وأَنكروه أَشدَّ الإنكار، وقابلوه بالتكذيب .. وقد اتَّفق أَصحابُ "الصحيحين " على تصحيح هذا الحديث بكلمةٍ واحدة، والقِصَّة مَشْهورةٌ عند أَهل التفسير، والسُّنن، والحديث، والتَّاريخِ، والفقهاء، وهؤلاء أَعلمُ بأحوال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأَيامه، من المُتكلِّمينَ) (٢)

لذا دَرَجَ أَهل العلمِ على أَنَّ الطاعن في هذا الحديث سواء من جهة


(١) انظر: "علوم الحديث"للإمام ابن الصَّلاح (٢٨ - ٢٩)، و"نزهة النظر"للإمام ابن حجر (٧٤ - ٧٦)، و "فتح المُغيث" للحافظ السَّخاوي (١/ ٩٢ - وما بعدها)
(٢) "بدائع الفوائد" (٢/ ٧٤٠)

<<  <   >  >>