للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سَنَده أَو متنه = حقيق بوصف: "الابتداع" (١) و"الزَّيغ" (٢) ولا يكون هذا الوصف منهم، إلَاّ لمُناقضته الدَّلائل، وخروجه عمَّا اتَّفقوا عليه.

أَمَّا دعواهم أن في الحديث زعزعة الثقة بما يبلغه الرسول - صلى الله عليه وسلم -:

فيقال: ليس في إثبات سحر النبي ما يؤدي إلى القول بتجويز ذلك.

وبيان ذلك: أنّ عصمته - صلى الله عليه وسلم - في التَّبليغ قد انتصبت البراهين القطيعة على تحقّقِها، وليس ثبوتُ الاعتقادِ بذلك متوقفًا على نفي لحوق السحر به، فالعصمة ثابتةٌ بدلائلِها متحقِّقةٌ ببراهينها في جميع الحالات، ومنها الحالةُ التي هي مَحلُّ النِّزاع.

وفي بيان ذلك يقول الإمام المازري: (وقد أنكر بعض المبتدعةِ هذا الحديث من طريق ثابتة وزعموا أنَّه يحطُّ منصب النبوءة ويشكِّكُ فيها وكُلُّ ما أَدَّى إلى ذلك؛ فهو باطل، وزعموا أنَّ تجويز هذا يعدم الثقة بما شرعوه من الشرائع ولعلَّه يتخيل إليه جبريل عليه السلام، وليس ثم ما يراه، أَو أَنَّه أُوحي إليه وما أُوحي إليه = وهذا الذي قالوه باطل وذلك أنَّ الدليلَ قد قام على صرفهِ فيما يبلغه عن الله سبحانه، وعلى عصمته .. ) (٣)

ثم إنَّه يقال: إما أن يكون لدى النَّافين براهين ودلائل على عصمة الرَّسول - صلى الله عليه وسلم - من الخطأ في التبليغ، أوْ ليس عندهم ما يثبتون به ذلك إلَاّ نفيهم لكونه - صلى الله عليه وسلم - سُحِرَ.

فإن كان الأوَّل: فليس هناك ما يحمل على الطَّعن في الحديث الذي يُثبت ذلك؛ إذ ثبوت عصمته - صلى الله عليه وسلم - كما تقدَّم ليس متوقفًا على نفيهم لهذا الحديث.


(١) انظر: "المعلم"للإمام المازري (٣/ ٩٣) وجُلُّ من جاء بعده ارتضى وصفه ونقل كلامه، انظر: على سبيل المثال انظر: "إكمال المعلم " للقاضي عياض (٧/ ٨٦)، و"شرح صحيح مسلم "للإمام النووي (١٤/ ١٧٤)، و"فتح الباري"للإمام ابن حجر (١٠/ ٢٨٧)
(٢) انظر: "المفهم" (٥/ ٥٧٠)
(٣) "المُعْلِم"للمازري (٣/ ٩٣)

<<  <   >  >>