للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في البلاد الإسلامية كتّابٌ وشعراء وقفوا على هذه البحوث العلمية، فسحرتهم، فأخذوا يهيّئون الأذهان لقبولها دسًّا في مقالاتهم وقصائدهم؛ غير مصارحين بها غير أمثالهم، تفاديًا من أن يُقاطَعوا، أو يُنفَوا من الأرض.

وقد عثرنا نحن في جولاتنا العلمية على ما عثروا عليه، فكانت صدمةً كادت تقذف بنا إلى مكانٍ سحيق، لولا أنْ منّ الله علينا بوجود المخلّص منها؛ وهو قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} سورة آل عمران: ٧ فسجدنا شكرًا لله، وقلنا: مانعة الصواعق؛ بل مانعة الغَرق!) (١)

والأَساسُ الَّذي يرتكزُ عليه المنهج الوضعي الَّذي تأثَّر به طوائف من المسلمين= عدُّه كلَّ ما لا يمرّ عبرَ قناةِ الحِس والتجربة باطلًا؛ بناءً على أنّه لا سبيل إلى المعرفة إلا من بوابة الواقع الحسّي، فهم يُلغون أَي حقيقةٍ تجاوزُ عندهم هذا الواقع: كـ (العقائد)، و (الغيبيَّات)، و (التخييلات)، وغير ذلك ممّا لا يمكن تمريره من هذه القناة.

ونتيجة لذلك: قرنوا بين علوم الأَنبياء المتضمِّنة للحقائق بـ (التخييلات) التي لا تخرج عن كونها ضَربًا من الباطل الَّذي لا موضوع له، في أنَّ كلًا منهما يمثل اللامعقول من حيث جانبيهما اللاهوتي، أو الماورائي (٢) ورأوا أَنَّ الطبيعة لها قوانينها الثابتة التي تُفسِّرُها، والتي لا يمكن أَن تتغيَّر أَو تتبدَّل. و فرَّقوا بين ما هو خارق


(١) نقلًا عن: " موقف العقل والعلم والعالم " للشيخ مصطفى صبري (١/ ١٦٥ - ١٦٦)
(٢) انظر: "نقد النص" لعلي حرب (١١٩)

<<  <   >  >>