وفيما يلي نقضٌ للأصل الكُلِّي الّذي استندوا إليه في نَفيهم لآيات وبراهين الأنبياء:
فأمّا احتجاجهم بأنَّ المَنهجّ التجريبيَّ لعجزه عن الاستدلال على الآيات والبراهين؛ فإنه يجعل تلك الآيات والبراهين - بزعمهم - خارجة عن نطاق الحقائق العلمية، وهذه دعوى عَريَّةٌ عن التحقيق، يدحضها مايلي:
أولًا: أن الحس يُعدُّ مصدرًا للمعرفة؛ لا كلّ المعرفة؛ فالحقائقُ التجريبيةُ لا تُثبِت إلا حقائق جُزئيّة، وخروجُ بعض المعارف عن دائرتها لا ينفي عنها كونها حقائق ثابتة بمصدرٍ صحيح معتبَر؛ سوى الحس و التَجرِبة. وهذا الخروج في الوقت ذاته: لا ينقض تلك الحقائق التي توصّل إليها المنهج التجريبي. ومَنْ مارى في هذه الحقيقة فستجْبهُه معارفُ أضحتْ حقائقَ لا تقبل الشكّ عند أصحاب المنهج التجريبي (١)؛ هذه الحقائق والعلوم لم تباشرْها الحواسّ، أولم تُدرك في معامل البحث، ولم تخضع للتجريب.
وهذه الحقيقة قد أَبان عنها بعضُ منظري الوضعية أَنفسهم، فهذا "رودلف كارناب " يقول: (من أَهمِّ الملامح التي تُميز العلم الحديث،