للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكذا آية "فاطر"؛ فإن سياق الآيات يدلّ على أن هذا الحرف؛ المقصود به ذِكْرُ عادة الله في مَنْ كذَّب الرُّسلَ؛ بأن ينتقم منه، ويعاجله بالعقاب الأليم في الدُّنيا؛ يقول تبارك وتعالى: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا (٤٢) اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا (٤٣)} فاطر.

يقول الإمام ابن جرير - رحمه الله - في بيان ذلك: «فهل ينتظر هؤلاء المشركون من قومك يا محمد إلا سنة الله بهم في عاجل الدنيا على كفرهم به؛ أليمَ العقاب؟!. يقول: فهل ينتظر هؤلاء إلا أن أُحِلَّ بهم من نقمتي على شركهم بي، وتكذيبهم رسولي؛ مثلَ الذي أحللتُ بِمَنْ قبلَهم من أشكالهم من الأمم ... وقوله: {وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا (٤٣) يقول: ولن تجد لسنة الله في خلقه تبديلا. يقول: لن يغيِّر ذلك، ولا يبدِّله؛ لأنه لا مردَّ لقضائه». (١)

وممّا يدلّ على فساد ما استدلّوا به: أنّه يلزمُهم - على مقتضى قولهم - إنكارُ تغيُّرِ العالَم عند إيذانِ اللهِ تعالى بنهاية الدنيا. وعلى هذا؛ فلا تكوير للشمس، ولا تبدُّل للأرض، ولا انكدار للنجوم .. إلى غير ذلك مما أخبر الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم - بوقوعه. وهذا القول لا يقول به إلاّ الملاحدة المنكرون للجزاء والبعث. يقول شيخ الإسلام (ابن تيمية) -رحمه الله-في الردِّ على بعض الملاحدة:

(وقد أراد بعض الملاحدة كـ " السهروردي " المقتول - في كتابه (المبدء والمعاد) الذي سمّاه (الألواح العِماديّة) - أن يجعل له دليلًا من


(١) المصدر السابق (٢٢/ ١٤٦)

<<  <   >  >>