للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالتواتر؛ لشدّة غرابته عند جميع الناس في جميع البلاد، ومن جميع الأمم ... ) (١)

هذا مُجمَل ما أوردوه من المعارضات العقليَّةِ المَسوقَةِ على أَحاديث انشقاق القمر، وهناك من اكتفى بتصنيف هذه الأَحاديث بأنَّها من «المُتخيَّل» القابع في العقليَّة الإسلامية والَّذي نُسج لسدِّ فراغ كبير في القرآن؛ لكونه لم يتحدَّث ألبتَّة عن أي معجزة للنبي - صلى الله عليه وسلم - خلافًا لما كان لإخوانه من الأنبياء عليهم السلام!!

يقول بسَّام الجمل: (لقد عدَّ المُفسِّرون وعلماء القرآنِ انْشِّقاقَ القمرِ حَدَثًا خارقًا للعادةِ، واعتبروه دليلًا على نُبوّة محمد [- صلى الله عليه وسلم -] (٢) ومعجزةً من معجزاته. ولذلك فَسّروا الآية تفسيرًا مُباشرًا، وسَلَّموا بحقيقة انشقاق القمر نصفين ... وجليٌّ أَنَّ وظيفة المُتخيَّل في هذا الخبر =سَدُّ فراغٍ كبيرٍ في القرآن. فهو لم يتحدَّث الَّبتَّة عن أَي معجزة لمحمّد [- صلى الله عليه وسلم -] خلافًا لما كان لسابقيه من الأنبياء من معجزات خاصة منهم موسى وعيسى [عليهما السلام] فنَقَّب المفسِّرون في نصِّ المُصحف عمَّا يَصلحُ شاهدًا على حُصول معجزاتٍ في طَورِ النُّبوّة) (٣)

وأَمَّا حسن حنفي فيُعلّل هذا التَخييل؛ بأنَّه جاء وسيلة لإقناع جمهرة من النَّاس يعيشون في مُجتمع صحرواي لم يكن للآلهة، أو للسَّحَرَة فيه أي قُدرة على خرق قوانين الطبيعة، مع جهلهم بقوانين العلم =فـ (كان من الطبيعي أَن يكون انشقاقُ القَمَر، وتوقُّف الشمس


(١) مجلة المنار (مج ٣٠/ج ٤/ص ٢٦١ - قرص مدمج)
(٢) ما بين المعقوفين من الصلاة والسَّلام على رسل الله من عندي، وأما ما في النصِّ فهو ذكر مجرَّد لأسمائهم -عليهم الصلاة والسلام-، فانظر إلى أَي حدٍّ من الصَّفاقة ورقّة الأَدَبِ والدِّين وصلوا إليه في تعاملهم مع أَنبياء الله تعالى.
(٣) "أَسباب النُّزول" (٣٩٥ - ٣٩٦)

<<  <   >  >>