للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"التواتُر " و "الاستفاضة" (١) .

وفي تقرير هذين الأَمرين، يقول شيخ الإِسلام: (ومعلوم أن هذه المعجزات لا ريب فيها وانشقاق القمر قد أخبر الله به في القرآن وتواترت به الأحاديث كما في الصحيحين وغيرهما عن ابن مسعود وأنس وابن عباس وغيرهم وأيضا فكان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بهذه السورة في الأعياد والمجامع العامة فيسمعها المؤمن والمنافق ومن في قلبه مرض، ومن المعلوم أن ذلك لو لم يكن وقع لم يكن ذلك:

أمَّا أولًا: فلأن من مقصوده أنَّ النَّاسَ يصدقونه ويقرون بما جاء به، لا يخبرهم دائما بشيءٍ يعلمون كذبه فيه فإن هذا ينفرهم ويوجب تكذيبهم لا تصديقهم.

وأمَّا ثانيا: فلأنَّ المؤمنين كانوا يسألونه عن أدنى شبهة تقع في القرآن ... ... فكيف يقرأ عليهم دائمًا ما فيه الخبر بانشقاق القمر، ولا يَردُّ على ذلك مؤمنٌ، ولا كافرٌ، ولا مُنافق؟) (٢)

سادسًا: أما زعْمُ الجاحظ: أَنّه لو انشقّ القمر لوجب أن تختلف التقويمات بالزيجات؛ لأنه قد عُلم سيرُه في كل يوم وليلة؛ فلو انشقّ لكان وقت انشقاقه لا يسيْر) (٣) .

فالجواب عن ذلك:

أنّ قوله: بأنه (لو انشقّ لكان وقت انشقاقه لا يسير): دَعْوى بلا برهان؛ فمن أين للجاحظ أن انشقاقَه يلزمُ منه توقّفُه عن السَّيْر. ويمكِن أن يُعارَض بأنّه وقت انشقاقه - مع قِصَر مدّة هذا الانشقاق - يمكن أن يستمر القمر في سيره، والله تعالى لا يُعجِزُه شيءٌ أبدًا.


(١) انظر: "نظم المتناثر" (٢٢٢ - ٢٢٣)
(٢) "الصفدية" (١/ ١٣٩ - ١٤١)
(٣) "الأزمنة والأمكنة" (١/ ٦٩)

<<  <   >  >>