للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهو عربي قُحٌّ من فحول " الإسلاميين " الذين يُعتَدُّ بشعرهم، ويُحتَجُّ به في الألفاظ والتراكيب، وإثبات القواعد (١)

وهَبْ أنّه لا يُحتجُّ بشعرَيْهما، ولا يوجد ما يدلُّ على هذا الاستعمال في اللسان؛ إلاّ أنه ليس هناك ما يُحوِج إلى بيان اللغة، وتطلُّب ذلك في شعر الشعراء، مع ثبوت تفسير هذه الآية وفهمها على الوجه الذي تقدم عن صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ العرب الأقحاح، الذين هم من أعلم الناس بمواقع ألفاظ الكتاب العزيز. وبرهانُ ما ذُكِر: أنّه يُغنِينا عن شعر " الراعي " و " المتنبي "، وغيرهما: ما صحّ عن ترجمان القرآن ابن عباس - رضي الله عنهما -: أنّه فسّر " الرُّؤيا " في الآية بأنها رؤيا عين. فقد أخرج البخاري عنه، أنه قال في معنى قوله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ}؛ قال: هي رؤيا عين أُرِيها النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلةَ أُسرِي به .. ) (٢)

وقد أخرج ابن جرير بسنده زيادةً في قول ابن عباس؛ حيث قال: (هي رؤيا عين ... وليست رؤيا منام) (٣)

فتحصَّل من ذلك كله: أنّ ما ورد عن الحسن البصري - رحمه الله - من إطلاقٍ؛ مُقيَّدٌ بما نسبه إليه ابن الجوزي، وأنه على تقدير عدم صحة النسبة، فإنه يُحمَل حينئذ على أحسن المحامل؛ بكونه أراد بالرُّؤيا " رؤيا العين " لا " المنام "، فإنْ لم يحمل على هذا الوجه، فلا أكثرَ من أن يُتوَقَّفَ في الجزمِ بأحد المرادين. والله أعلم.

وما سبق تقريره في معنى الرُّؤيا في الآية محمولٌ على أَنَّ الآية


(١) انظر: "شرح كفاية المتحفظ"للفاسي (١٠١)
(٢) أخرجه البخاري كتاب " التفسير باب " (وما مجعلنا الرُّؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس) "، (٩٨٩ - رقم [٤٧١٦])
(٣) أخرجه ابن جرير في تفسيره (١٥/ ١١٠)

<<  <   >  >>