للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القرآن، وما استفاضت به الأخبار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وما جاءت به الآثار عن الصحابة والتابعين.

ومن الأوجه الدالّة على فساد قول من قال: إن الإسراء وقع لروحه - صلى الله عليه وسلم -، أو منامًا؛ ممّا يمكن إضافته لما ذكره الإمام ابن جرير - رحمه الله - ما يلي:

• أن الله جل جلاله قدّم " التسبيح " قبل سَوْق خبر الإسراء؛ فقال تبارك وتعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا} ... الآية. والتسبيح إِنَّما يكون عند الأمور العظام، ولو كان منامًا لم يكن مُستعظَمًا؛ فيكون التسبيح بلا معنى؛ وهذا غير جائز. (١)

• أَنَّ اللهَ جلّ جلاله أَثنى على نبيِّه - صلى الله عليه وسلم - بما كان منه ليلة الإسراء بما كان منه ليلة " الإسراء "، فقال: {مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (١٧)} النجم. . والبصر من آلات الذات لا الروح؛ فلو كان الإسراء بالروح، أو منامًا = لبَطَلَ معنى الآية (٢).

وقد أُورِدَتْ على هذا الحديث عِدَّةُ اعتراضات عقليّة؛ تختلف باختلاف مَشارِب المُورِدين. ومُحصَّل هذه الشُّبهات يؤول إلى إحالة هؤلاء المعترضين لما تضمّنه الحديث، ومَناطُ إحالتِهم؛ خروجُ حادثة " الإسراء والمعراج " عن مقتضى العادة، وعدم مباشرة الحسِّ لها فالتبس عليهم الأمرُ، فظنّوا أنّ ذلك يستوجبُ إحالة العقل لهذا الحديث، فلا يمكن على مقتضى ذلك التسليمُ بهذه الآية التي أكرم الله جلّ جلاله نبيَّه - صلى الله عليه وسلم - بها، فزلّتْ بهم أقدامُهم إلى هاويتين:

الهاويةُ الأولى: ردُّ الحديث، وتطلُّبُ العِلَل الواهية التي لا تقوى على إبطال حقيقة ما دلّت عليه هذه الآية العظيمة.


(١) انظر: "تفسير القرآن العظيم"لابن كثير (٥/ ٢٠٦٣)
(٢) انظر: "المصدر السابق (٥/ ٢٠٦٣)

<<  <   >  >>