للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبطلانها = وكلّما قوي الإيمان في القلب قوي انكشاف الأمور له، وعرف حقائقها من بواطلها؛ بخلاف القلب الخراب المُظلِم) (١) .

فإن قيل: لكن مع وجود هذه الصفات المُخبَر عنها في الأحاديث، والتي تدلّ على كذب الدجال؛ فإنَّ وجود ما يضادّها من الخوارق التي يُجريها الله على يديه = يبعثُ الافتتان به، والحيرة في أمره.

فيقال: نعم هذا حق، فإنّ ما يُجريه الله على يديه فتنة عظيمة، لا يخلص منها إلاّ أهل الإيمان؛ كما قال ذلك المؤمن الذي قتله الدجّال ثم أحياه: (ما كنتُ فيك أشدّ بصيرةً من اليوم) (٢) . وأمّا من في قلوبهم مرض، والكفرةُ؛ فيزدادون ارتيابًا وفتنةً به. وهذا جارٍ على سبيل الامتحان من الله لعباده.

قال الإمام الخطابي - رحمه الله -: (وقد يُسأل عن هذا؛ فيقال: كيف يجوز أن يُجرِي الله تعالى آياته على أيدي أعدائه؟ وإحياء الموتى آيةٌ عظيمة من آيات أنبيائه؛ فكيف مكّن منه الدجال؛ وهو كذاب مُفترٍ على الله، يدّعي الربوبية لنفسه؟.

فالجواب: أنّ هذا جائز على سبيل الامتحان لعباده؛ إذ كان منه ما يدلّ على أنّه مُبْطل، غير محقّ في دعواه؛ وهو: أن الدجال أعور عين اليمنى، مكتوب على جبهته كافر، يقرؤه كل مسلم. فدعواه داحضة مع وسْم الكُفر، ونَقْص العور؛ الشاهدَيْن بأنه لو كان ربًّا لقدر على رفع العور عن عينه، ومَحْو السِّمة عن وجهه. وآياتُ الأنبياء التي أُعطوها بريئة عما يعارضها، ونقائضها = فلا يشتبهان؛ بحمد الله) (٣) .

وعلى هذا؛ فتأويل "أَبي جعفر الطحاوي" - رحمه الله - لما مع الدجال من


(١) "مجموع الفتاوى" (٢٠/ ٤٥) .
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) "أعلام الحديث"للخطابي (٤/ ٢٣٣١) .

<<  <   >  >>