للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العلة الأولى: أن مداره على أبي الزبير المكي عن جابر - رضي الله عنه -. وأبو الزبير مدلّس (١)، وقد عنعنه عن جابر، وأحاديثه لا يُحتجّ بها ما لم يصرّح بالسماع فيها عن جابر، أو يكون الراوي عنه هو الليث بن سعد؛ كما نصّ على ذلك جماعة من أهل العلم.

قال الحافظُ ابن عبدالحقّ الإِشبيلي - رحمه الله -: (أَبو الزُّبير يُدلِّس في حديثِ جابر، فإذا ذكر سماعه منه، أَو كان من رواية الّليث عن أَبي الزُّبير =فهو صحيح) . (٢) نقله عنه ابن القطَّان الفاسي ووافقه. (٣)

وقال الإمام الذهبي - رحمه الله -: (وفي صحيح مسلم عدّة أحاديث مما لم يوضّح فيها أبو الزبير السماع عن جابر، وهي من غير طريق الليث عنه؛ ففي القلب منها شيء) . (٤) وأبو الزبير في هذه الرواية لم يُصرح بالتحديث، ولم يكن الرَّاوي عنه الليث بن سعد. و انضمّ إلى هذه العلة علّةٌ أخرى؛ وهي:

العلّة الثانية: تفرُّده بزيادةٍ لم تقع في الأحاديث الأخرى -بحسب ما وقفت عليه منها-؛ وهي قوله: (ثم يأمر السماء فتمطر فيما يرى الناس، ويقتل نفسا ثم يحييها فيما يرى الناس) فهذه الزيادة خالف فيها الثقات الذين رووا أحاديث الباب. وعلى هذا؛ فلا يُحتمل منه مثل هذا التفرُّد.

ومن هنا يتبين لنا أن ما ذهب إليه الإمام الطحاوي - رحمه الله - بناءً على ما استند إليه من هذين الحديثين = مذْهب مرجوحٌ؛ لمخالفته للدلائل المتكاثرة التي سبق ذِكْرها.


(١) انظر:"تهذيب الكمال"للمزي (٦/ ٥٠٣) و"تقريب التهذيب"لابن حجر (ص ٨٩٥) و"جامع التحصيل"للعلائي (ص ٢٦٩) .
(٢) "الأحكام الوسطى" (٣/ ٢٤٨) .
(٣) انظر:"بيان الوهم والإيهام" (٤/ ٢٩٨) .
(٤) "ميزان الاعتدال"للذَّهبي (٤/ ٣٩) .

<<  <   >  >>