توقّف وغلط، أحاديث يُعارضُ ظاهرُها المقتضى بالعقل، لا تتعلَّق بالباري و لاصفاته، ولكنَّها تتعلَّق بما أخبر عنه من المعاني. . .=فإذا جاء ما ينفي العقلُ ظاهرَه =فلا بُدَّ من تأويله؛ لأنَّ حمله على ظاهره مُحالٌ فيكون غيرَ مفهوم، والشَّرعُ لا يأتي به؛ فلا بُدَّ من تأويله) (١)
وعلى وَفْق هذه النَّظرة الاختزالية للظاهر الشرعي أَسَسَّ الرازي قانونه الكُلّي، الذي أقامه على إمكان حصول التعارض بين الدلالة العقلية وبين الظاهر الشرعي، مختزلًا القطعية في الدليل العقلي، والظَنِّيَّة في الدَّليل النقلي؛ ومِنْ ثَمَّ جعلَ الغَلَبةَ والتقديم للدَّلالة العقليَّة، وإقصاء الظَّاهر الشرعي، بِعَدِّه غيرَ مراد للمتكلم به.
وفي بيان هذا القانون الكلي يقول الفَخْر الرَّازي: (اعلم أنَّ الدَّلائلَ القطعيَّة العقليَّة إذا قامت على ثبوت شيءٍ، ثم وجدْنا أدلةً نقليَّةً يُشْعِرُ ظاهرُها بخلاف ذلك = فهناك لا يخلو الحال من أَحدِ أمورٍ أربعةٍ:
- إمَّا أن يُصدَّق مقتضى العقل والنقل فيلزم تصديق النقيضين، وهو محال.
- وإمّا أن يُبطل فيلزم تكذيب النقيضين، وهو محال.
- وإمّا أَن يصدق الظواهر النقليَّة ويكذب الظواهر العقليَّة، وذلك باطل؛ لأنه لا يمكننا أن نعرف صحة الظواهر النقليَّة إلا إذا عرفنا بالدلائل العقليَّة إِثبات الصانع وصفاتِهِ، وكيفيَّة دلالة المعجزة على صدق الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وظهور المعجزات على محمد - صلى الله عليه وسلم -.
- ولو جوّزنا القَدْحَ في الدلائل العقليَّة القطعيَّة؛ صار العقل مُتَّهمًا غير
(١) "العواصم من القواصم" (٢٣٠ - ٢٣١) و أبوبكر بن العربي (٤٦٨ - ٥٤٣ هـ): هو محمد ابن عبدالله بن محمد، المعروف بـ=ابن العربي الأندلسي الإشبيلي، حافظ متبحر في العلوم ينتحل في الفروع مذهب الإمام مالك، ولي قضاء إشبيلية ثم عُزل، من تصانيفه: "أحكام القرآن"،و"القبس"=انظر: "السِّير" (٢٠/ ١٩٧) .