للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حدوث وصف النبوة في أحد من الثقلين بعد تحليه -عليه الصلاة والسلام- بها في هذه النشأة.

ولا يقدح في ذلك ما أجمعت الأمة عليه واشتهرت فيه الأخبار، ولعلها بلغت مبلغ التواتر المعنوي، ونطق به الكتاب على قول، ووجب الإيمان به، وأكفر منكره؛ كالفلاسفة من نزول عيسى - عليه السلام - آخر الزمان؛ لأنه كان نبيا قبل تحلِّي نبينا -صلى الله تعالى عليه وسلم- بالنبوة في هذه النشأة ... ثم أنه - عليه السلام - حين نزوله باقٍ على نبوته السابقة لم يعزل عنها. قال: لكنه لا يتعبد بها لنسخها في حقه وحق غيره، وتكليفه بأحكام هذه الشريعة أصلًا وفرعًا. فلا يكون إليه - عليه السلام - وحي ولا نصب أحكام بل يكون خليفة لرسول الله -صلى الله تعالى عليه وسلم- وحاكما من حكام ملته) . (١)

وعلى هذا؛ فقول (بو هندي) أنّ «أَصحاب الروايات يدّعون أن المسيح عندما يجيء في آخر الزمان لن يكون نبيًا» لم يُسمّ قائلَه. , والأدلة لا تسعفه. وإلا فيبقى الشَّكُّ في تقوُّل هذا المدعي.

الأمر الثالث: زَعْمه أن الروايات تقول: من لم يؤمن به ـ أي بعيسى - عليها السلام - ـ يُقْتَلْ ... إلخ.

الجواب أن يقال:

أين في الروايات الصحيحة ما يفيد أن عيسى - عليها السلام - يقتل الناس حتى يؤمنوا به؟! بل قتالُه للكفرة من أهل الكتاب وغيرهم؛ لتكون الدعوى واحدة، وهي دعوى الإسلام. فعيسى - عليها السلام - إِنما يدعو إلى دين الإسلام، لا إلى ذاته.

وقد دل على ذلك ما رواه أَبو هريرة - رضي الله عنه - مرفوعًا: (ليس بيني


(١) "روح المعاني" (٢٢/ ٣٤) .

<<  <   >  >>