للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبينه نبي -يعني عيسى عليه السلام-وإنه نازل فإذا رأيتموه فاعرفوه: رجل مربوع إلى الحُمرة والبياض، بين ممصّرتين، كأن رأسه يقطر وإن لم يصبه بلل، فيقاتل الناس على الإسلام، فيدق الصليب , ويَقْتُل الخنزيرَ , ويضع الجزية , ويُهلكُ الله في زَمَانِهِ المِلَل كُلَّها إلَاّ الإسلام ... ) (١) الحديث.

فقوله - صلى الله عليه وسلم -: (فيقاتل الناسَ على الإسلام) صَريحٌ في نقض دعوى المعترض.

جواب الاعتراض الثاني؛ وهو:

دعوى المعترض: أن عيسى - عليها السلام - لو كان ينزل في آخر الزمان متبعًا لمحمد - صلى الله عليه وسلم - فعليه أن لا يغير في شريعته شيئًا .. الخ

فيقال: قد سبق الكشف عن معنى قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لا نبي بعدي) وأمَّا وضْعُ الجزية، ودق الصليب الخ .. في زمن وجود عيسى - عليها السلام - في آخر الزمان؛ مع كون المقرّر في الشرع أخْذ الجزية، وتخيير أهل الكتاب بين أدائها وبقائهم على دينهم، وبين القتال = فليس ذلك على معنى الإنشاء والنسخ للشريعة المحمدية؛ ابتداءً لتشريع آخر من قبل المسيح - عليها السلام - ـ كما توهَّمه المعترض ـ

وإنما المقصود: أن مشروعية أخذ الجزية , وتخيير أَهل الذمة بين الإيمان , وبين أداء الجزية أو القتال = كلُّ ذلك على التأقيت. أَي أنَّها مُقيَّدةٌ بزمنٍ، هذا الزَّمَنُ هو زمنُ ما قبل نزول عيسى - عليها السلام -. والتقييد جاء من قِبَل النبي - صلى الله عليه وسلم - ـ كما دلت عليه هذه الأحاديث؛ لا من قِبَل عيسى - عليها السلام -. فلن يقع من عيسى - عليها السلام - نَسْخٌ، ولا تغييرٌ ولا تبديل في شريعة الإسلام.


(١) أخرجه أحمد في"مسنده" (٣/ ١٢٥) , وأبو داوود في"السنن"كتاب"الملاحم"،باب"خروج الدجال" (٤/ ٣٢٣ - ٣٢٤ - رقم [٤٣٢٤]) وصحح إسنادَه الحافظُ ابن حجر في"الفتح" (٦/ ٦٠٢) .

<<  <   >  >>