للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أطلق القول بتكفير من أنكر البعث الجُسمانيّ. وفي تقرير ذلك يقول: (اتفق جميعُ أهل القبلة - على تنابُذِ فِرَقِهم - على القول بالبعث في القيامة (١)، وعلى تكفير من أنكر ذلك. ومعنى هذا القول: أنّ لمكث الناس وتناسلهم في دار الابتلاء - التي هي الدّنيا - أمَدًا يعلمُه الله تعالى؛ فإذا انتهى ذلك الأمدُ ماتَ كلُّ مَنْ في الأرضِ، ثم يُحيِي الله عز وجلّ كلَّ من مات مُذْ خلق الله عز وجل الحيوان إلى انقضاءِ الأمد المذكور، وردّ أرواحَهم التي كانت بأعيانِها إلى أجسادها، وجمَعَهم في موقف واحدٍ، وحاسبهم عن جميع أعمالهم، ووفّاهم جزاءهم؛ ففريقٌ من الجنّ والإنس في الجنّة، وفريقٌ في السعير. وبهذا جاءَ ... القرآنُ، والسُّنَنُ ... ) (٢) .

القول الثالث: قولُ من يقول: إنّ البَرْزَخ ليس فيه نعيمٌ ولا عذابٌ؛ بل لا يحصل ذلك حتى تقوم القيامة الكبرى، وأنّ حالَ الميت كحال النائم والمَغْشِيّ عليه؛ لا يُحسّ بالضرب، ولا بغيره؛ إلا بعد الإفاقة) (٣) .

القول الرابع: قولُ من يقول: إن العذاب والنعيم إنّما يقعان على الجسد فقط، وأن الله قادرٌ على خلق الإحساس فيه، دون افتقارٍ إلى الرُّوح. وهذا القول: نُسِب إلى ابن جرير الطبري - رحمه الله -، وجماعة من الكرّاميّة (٤) .

ولعلّ من نَسب هذا القولَ إلى الإمام ابن جرير=فَهِمَه من مساق ردّ ابن جرير على مَنْ أنكر عذاب القَبْر، وذلك في قوله: ( .. فإنْ زعموا (٥) أنه - تعالى ذِكْرُه- أخبَرَ من ذلك بما تصدّقه العقول = قيل لهم: فإذا كان خبره بذلك خبرًا يُصدِّقه العقل - وإن لم تكونوا عاينتم مثله


(١) "المصدر السابق" (٢٨٢) .
(٢) "الفصل" (٤/ ١٣٧) .
(٣) انظر: "حكم أهل القبور" (٣٥) و" فتح الباري"لابن حجر (٣/ ٣٠١) .
(٤) انظر:"فتح الباري" (٣/ ٢٩٨ - ط/دار السلام) .
(٥) يعني المنكرين لعذاب القبر.

<<  <   >  >>