للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهو الذي وقع فيه الاختلاف. فالدلائل الشرعية قد دلّت على كلٍّ من: وزن الأعمال، والصحائف، والعامل. فمن رجّح بعض هذه الأدلّة على بعض وَفْق القواعد الشرعية، ولم يكن اجتهادُه هذا مبنيًّا على أصل بِدعيّ؛ من تقديم الشبهة العقلية على النص الشرعي؛ بل كان منطلقا من أصل شرعي = فهذا لا تثريب عليه؛ وإن كان اجتهادُه قد يكون خاطئًا.

وأمّا مواقف المخالفين تجاه الميزان، فقد انقسمت إلى الأقسام التالية:

الأول: مَن ذهب إلى إنكار الميزان جُملةً.

الثاني: من ذهب إلى تأويل ما جاء في إثباته.

الثالث: من ذهب إلى إثبات الميزان، ونفْي وزن الأعمال.

الرابع: من أثبت الميزان، مع المنْع من نَعْتِه بما جاء في النصوص (١)

فأمّا الموقف الأول:

فقد نُسِبَ إلى طائفة من المعتزلة يقال لها " الوَزْنِيّة ". قال البغدادي: (وزعم قومٌ يقال لهم الوزنيّة: أنْ لا حسابَ، ولا ميزانَ) (٢) .

ونسبه إلى عموم المعتزلة ابن فورَك؛ حيث قال: (وقد أنكرت المعتزلة الميزان ... ) (٣) . وصاحب المواقف - الإيجي -؛ حيث قال: (وأمّا الميزان، فأنْكَره المعتزلةُ عن آخرهم) (٤) .

والتحقيق أنّ في نِسْبة الإنكار الكلي للميزان إلى عموم المعتزلة نوعًا من الغلط في العزو، فإنّ مِن المعتزلة مَن أثبتَ الميزانَ حقيقةً؛ بل


(١) انظر في مواقفهم: مقالات الإسلاميين (٤٧٢ - ٤٧٣) .
(٢) أصول الدين (٢٤٦) .
(٣) نقله عنه القرطبي في"التذكرة" (٢/ ٧٢٢) .
(٤) المواقف (٣/ ٥٢٤ - مع شرحه للشريف الجرجاني) .

<<  <   >  >>