للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قومٍ لم يُسمّهم، فقال: (وقال قائلون بإثبات الميزان، وأحالوا أن تُوْزَن الأعراض في كِفّتين، ولكن إذا كانت حسناتُ الإنسان أعظمُ من سيّئاته: رجَحَتْ إحدى الكفّتين على الأخرى؛ فكان رُجحانُها دليلًا على أن الرجل من أهل الجنة. وكذلك إذا رجحت الأخرى السوداء: كان رُجحانُها دليلًا على أن الرجل من أهل النار) (١) .

وأمّا الموقف الرابع: مَنْ أثْبت الميزان، وتوقَّفَ في نعْتِه بما جاء به الكتابُ والسنة.

وإلى هذا القول ذهب ابنُ حزم - رحمه الله -؛ حيث قال: (وأمور الآخرة لا تُعلَم إلا بما جاء في القرآن الكريم، أو بما جاء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ولم يأْتِ عنه عليه السلام في ذلك شيءٌ يصحّ في صفة الميزان، ولو صحّ عنه عليه السلام في ذلك شيءٌ لقُلنا به؛ فإذْ لم يصحّ عنه عليه السلام شيءٌ = فلا يحلُّ لأحدٍ أن يقولَ على الله عز وجلّ ما لم يُخبِرْنا به، لكن نقول كما قال الله عزّ وجلّ {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} الأنبياء: ٤٧ إلى قوله {وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} الأنبياء: ٤٧ ....

وأما من قال بما لا يدري من أن ذلك الميزانَ ذو كفتين = فإنما قاله قياسًا على موازين الدنيا، وقد أخطأ في قياسِه؛ إذ في موازين الدنيا ما لا كفّة له؛ كالقرسطون (٢) . وأمّا نحنُ فإنّما اتبعنا النصوص الواردةَ في


(١) "مقالات الإسلاميين" (٤٧٣) .
(٢) القرسطون: نَوع من أنواع الموازين لم يتحرر لي من خلال كلام أهل اللُّغة؛ وصْفُهُ=انظر: "لسان العرب" (٥/ ٢٥٦) مادة (قسط) .

<<  <   >  >>