للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك فقط، ولا نقول إلاّ بما جاء به قرآنٌ، أو سُنّة صحيحة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا ننكر إلاّ ما لم يأتِ فيهما، ولا تكذيبَ إلاّ بما فيهما إبطالُه. وبالله تعالى التوفيق) (١) .

والّذي يظهر: أَنّ مَناطَ توقُّف أبي محمد ابن حزم - رحمه الله - عن إثبات بعضِ ما ورد في السُّنَن من إثبات الكفتين: إمّا عدَمُ صحّة تلك الأحاديث عنده. أو عدم وقوفه عليها. وإنْ كان الأخيرُ في حقِّه يبعُد جدًّا. على أنه لا مناصَ من إثبات الكِفَّتَيْنِ، وإثبات ما وُصِف به الميزان مما ورد في الدَّلائل الشرعية؛ كما صحّ به الخبر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الموسوم بـ " حديث البطاقة "، رواه عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال:

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إِنَّ اللَّهَ سَيُخَلِّصُ رَجُلًا من أُمَّتِي على رؤوس الْخَلَائِقِ يومَ الْقِيَامَةِ، فَيَنْشُرُ عليه تِسْعَةً وَتِسْعِينَ سِجِلًا، كُلُّ سِجِلٍّ مِثْلُ مَدِّ الْبَصَرِ، ثُمَّ يقولُ: أَتُنْكِرُ من هذا شيئًا؟ أَظَلَمَكَ كَتَبَتِي الْحَافِظُونَ؟ فيقول: لَا، يا رَبِّ. فيقول: أَفَلَكَ عُذْرٌ؟ فيقولُ: لا، يا رَبِّ. فيقولُ: بَلَى إِنَّ لكَ عِنْدَنَا حَسَنَةً، فإنه لا ظُلْمَ عَلَيْكَ الْيَوْمَ. فَتَخْرُجُ بِطَاقَةٌ فيها: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إلا اللهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. فيقول: أَحْضِرْ وَزْنَكَ. فيقول: يا رَبِّ، ما هذهِ الْبِطَاقَةُ مع هذه السِّجِلَاّتِ؟ فقال: إِنَّكَ لَا تُظْلَمُ. قال: فَتُوضَعُ السِّجِلَاّتُ في كِفَّةٍ، وَالْبِطَاقَةُ في كِفّةٍ، فَطَاشَتْ السِّجِلَاّتُ، وَثَقُلَتْ الْبِطَاقَةُ؛ فلا يَثْقُلُ مع اسْمِ اللَّهِ شَيْءٌ) (٢) .


(١) "الفصل" (٤/ ١١٥) .
(٢) أخرجه أحمد في "المسند" (٢/ ٤٣٠)،والترمذي في "السُّنن"كتاب "الإيمان "،باب "ما جاء فيمن يموت وهو يشهد أن لا إله إلَاّ الله " (٥/ ٢٥ - رقم [٢٦٩٣])،وابن ماجه في"السُّنن" كتاب "الزُّهد"،باب"ما يُرجى من رحمة الله يوم القيامة" (٢/ ١٤٣٧ - رقم [٤٣٠٠])، وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، وأخرجه الحاكم في مستدركه وصحَّحه (١/ ٦)، وصحَّحه العلّامة الألباني في "السلسلة الصحيحة" (١/ ٢١٦ - رقم [١٣٥]) .

<<  <   >  >>