فقوله - صلى الله عليه وسلم -: (فَتُوضَعُ السِّجِلَاّتُ في كِفَّةٍ، وَالْبِطَاقَةُ في كِفّةٍ): برهانٌ بيّن المعالم على إثبات الكفتين للميزان.
والعجيب أنَّ الشيخ محمد رشيد رضا - رحمه الله - تلا تلو ابن حزم في المُمَانَعَةِ من إثبات ما دلّت عليه السُّنَّةُ من أوصاف الميزان، وكأنّما مَنْ أثبت تلك النعوت أتى بها من عِندِيّاتِه؛ حيث يقول:(وإذا لم يكن في الصحيحين، ولا في كتب السنن المعتمدة حديث صحيح مرفوع في صفة الميزان، ولا في أن له كفتين ولسانًا، فلا تغترّ بقول الزجّاج: إنّ هذا ممّا أجمعَ عليه أهل السنة. فإنّ كثيرًا من المصنفين يتساهلون بإطلاق كلمة الإجماع، ولاسيّما غير الحُفّاظ - والزّجّاجُ ليس منهم -، ويتساهلون في عزْوِ كلّ ما يوجد في كتب أهل السنة إلى جماعتهم، وإنْ لم يُعرَف له أصلٌ من ... السلف، ولا اتّفق عليه الخلَف منهم ... )(١) .
وقد يكون الداعي للشيخَ محمد رشيد رضا إلى إغفال ما ورد في السنن من إثبات بعض صفات الميزان، مع عِلمه بحديث " البطاقة "، واطّلاعه عليه؛ بدليلِ ذِكرِه له = هو ما يراه من بعض المنتسبين للسنة والجماعة من التَّجَارِي في إطلاق الإجماعات التي لم تتحقق بشروطها المعتبَرة. وتمحيص هذه