للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النار يصيران إلى الفناء. ووجه ذلك: أنّ كُلًا من نعيم الجنة وعذاب النار مخلوق , وكل مخلوق - على أصله - له بداية , وكل ما له بداية فله نهاية = فنتيجة تلك المقدمات أن الجنة والنَّار لهما نهاية تفنيان بعدها.

ثم جاء أبو الهذيل العَلَاّف (١) فوافق «الجهم» على أصله؛ إلا أنه لم يوافقه في جميع لوازمه؛ بل كان هذا الأصل وهو امتناع ما لا يتناهى من الحوادث - يقتضي عنده فناء الحركات لكونها متعاقبة - شيئا بعد شيء. وعلى هذا؛ فحركاتُ أَهل الجنة والنار آيلة إلى الفناء حتى يصيروا في سكون دائم (٢) .

وفي تقرير مذهب أبي الهذيل , يقول ابن الخياط: (وأبو الهذيل كان يزعم أَن أكلَ أهل الجنة وشربَهم، وجِماعَهم , وتزاوُرَهم , وجميعَ لَذَّاتِهم باقية مجتمعة فيهم؛ لا تفنى ولا تنقضي , ولا تزول ولا تبيد. وإنما هذا الذي حكاه صاحب الكتاب [يعني ابن الراوندي] قولُ جهم؛ لأنَّ جهمًا كان يزعم أن الله يُفني الجنة والنار وما فيهما، ويبقى وحده ... ) (٣) .

وقول أبي الهذيل: (إنّ أكلَ أهل الجنة وشربَهم و ... باقية مجتمعه فيهم) مؤدَّاه: نفي حركات أهل الخُلد. ثم يُورد ابن الخياط عن ابن الرواندي عمدةَ كلٍّ من الجهم وأبي الهذيل فيما ذهبوا إليه، فيقول: (قال الماجن. فقيل له: ولِمَ قلت ذلك؟ وما برهانك عليه؟

قال: فأجابَ بأنَّه لو جاز أن يستأنف شيئًا بعد شيء لا إلى آخر؛


(١) أبو الهذيل (؟ -٢٢٧ هـ):هو محمد بن الهذيل البصري العلَاّف، رأس المعتزلة، لم يكن على الجادّة في الاعتقاد، والمسلك، وله مقالات هي كفر وإلحاد كقوله: بأن لما يقدر عليه الله نهاية وآخرا .. قال عنه الذهبي: لم يكن أبو الهذيل بالتقيِّ =انظر:"السِّير" (١٠/ ٥٤٢) . أبو الهذيل (؟ -٢٢٧ هـ):هو محمد بن الهذيل البصري العلَاّف، رأس المعتزلة، لم يكن على الجادّة في الاعتقاد، والمسلك، وله مقالات هي كفر وإلحاد كقوله: بأن لما يقدر عليه الله نهاية وآخرا .. قال عنه الذهبي: لم يكن أبو الهذيل بالتقيِّ =انظر:"السِّير" (١٠/ ٥٤٢) .
(٢) انظر"الفصل" (٤/ ١٤٥) , و"حادي الأرواح" (٢/ ٧٢٤) .
(٣) "الانتصار"لابن الخيَّاط (١٨) وابن الخيَّاط (؟ -؟):هو عبدالرحيم بن محمد بن عثمان، أبو الحسين البصري، شيخ المعتزلة البغداديين، له ذكاء مُفرط، وكانت له جلالة عجيبة عند المعتزلة، من تصانيفه: "الاستدلال"، و"نقض نعت الحكمة" =انظر:"السِّير" (١٤/ ٢٢٠)، و"طبقات المعتزلة" لابن المرتضى (٨٥) .

<<  <   >  >>