للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بعمله) فنفى بهذا الحديث ما قد تتوهّمه النفوس من أنّ الجزاء من الله عزّ وجلّ؛ على سبيل المعاوضة والمقابلة؛ كالمعاوضات التي تكون بين الناس في الدنيا. فإن الأجير يعمل لمن استأجره، فيعطيه أجره بقدر عملِه؛ على المعاوضة، إنْ زاد زادَ أجرتَه، وإنْ نقصَ نقَصَ أُجرته؛ يستحقّها كما يستحقّ البائع الثمن = فنفى - صلى الله عليه وسلم - أن يكون جزاءُ الله وثوابه على سبيل المعاوَضة، والمقابلة، والمعادلة. و (الباء) هنا كالباء الداخلة في المعاوضات ... » (١) .

اختار هذا القولَ جمهرة من أهل العلم؛ كابن القَصَّاب (٢)، والقاضي عياض (٣)،والنَّووي (٤)،وابن القيّم (٥)، وابن الوزير (٦)، والمَقْريزي (٧)، والأمين الشنقيطي (٨)، وغيرهم.

القول الثاني: أنّ أصل دخول الجنّة والخلود فيها يكون برحمة الله تعالى؛ وهذا ما دلّت عليه تلك الأحاديث. وبالأعمال يقع التفاوت في المنازل؛ كما دلّت على ذلك الآيات.

وهذا القول هو ظاهر اختيار سفيان بن عيينة؛ حيث قال: «كانوا


(١) رسالة في دخول الجنة (١/ ١٤٥ - ١٤٨ - ضمن جامع الرسائل بتحقيق محمد رشاد سالم) .
وانظر كذلك: " الردّ على من قال بفناء النار" (ص ٨٥) و " الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان" (ص ٢٥٩) .
(٢) انظر: "نكت القرآن (٣/ ٧٢١ - ٧٢٢) .
(٣) انظر: "إكمال المُعلِم" (٨/ ٣٥٣) .
(٤) انظر: "حادي الأرواح" (١/ ١٧٦) .
(٥) انظر: "شرح صحيح مسلم" (١٧/ ١٦٦) .
(٦) انظر: "العواصم والقواصم" (٧/ ٢٩٩) .
(٧) انظر: "تجريد التوحيد المفيد" (١٠٨ - ١٠٩)،والمقريزي (٧٦٦ - ٨٤٥ هـ):هو أحمد بن علي بن عبدالقادر المقريزي، تقي الدين أبو العباس الشافعي، إماما متفنِّنا متبحرا في التاريخ، من. مؤلَّفاته:"الخطط",و"شارع. النجاة"=انظر:"البدرالطالع" (٩٥)،و"الأعلام (١/ ١٧٧) .
(٨) انظر: "العذب النمير" (٣/ ٢٧٠ - ٢٧٣) .

<<  <   >  >>