للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (٧) فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً} الحجرات: ٧ - ٨.

الجهة الثانية: أنّ الأعمال الصالحة إنما صلحت برحمة الله تعالى وفضله.

الجهة الثالثة: أنّ العاملَ وعملَه داخلان في عموم خلق الرب تبارك وتعالى؛ فهو المُنْعِم في الابتداء والانتهاء. والمعتزلة أناطوا مسألة إيجاب الاستحقاق على ما انتهوا إليه في مذهبهم من استقلال العبد في إيجاد فعله. ولا رَيْب أن نظريتهم في أفعال العباد تناقض حقيقة الإيمان، بالقدر الذي ينتظم عموم خلق الله تبارك وتعالى - كما سبق بيانه-.

الجهة الرابعة: أنه لو استوجب العبد بمقتضى العقل الثوابَ الأبدي على فعل الواجب؛ لاستوجب الربّ تعالى كذلك الشكر الأبديّ على العبد بنعمه السابقة؛ بل أولى=واللازم ... ممتنع؛ لما فيه من لزوم التكليف في دار الخلود. وهذا خلاف المتقرّر شرعًا (١) .

الجهة الخامسة: أن مقدار الأجر المستحقّ - على تقدير وجوبه- غير معروف عقلًا، وقد يكون صغيرًا. ومع ذا فقد جعل الربّ تبارك وتعالى الجنّةَ جزاءً للعمل الحقير؛ كرمًا، وفضلًا (٢) .

الجهة السادسة: أن العمل لا يصلح بمفرده أن يكون عدلًا ومقابلًا للجنة؛ لأنّ العمل لو قيس ببعض نعم الله المُنعَم بها على العبد لاستفْرغتْها (٣) .

الجهة السابعة: أن دخول الجنة كما أنه يكون بالعمل؛ فإنّه لا بدّ


(١) انظر: "أبكار الأفكار"للآمدي (٤/ ٣٥٢) .
(٢) انظر: " العواصم والقواصم"لابن الوزير (٧/ ٢٩٦) .
(٣) انظر: "نكت القرآن"، للقصاب (١/ ٥٤٨)،و "مفتاح دار السعادة" (٢/ ٥٥٠) .

<<  <   >  >>