للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال الإمام أبو بكر الحازمي - رحمه الله -: ( ... الحديثُ الواحدُ لا يخلو: إمَّا أَن يكون من قَبِيل المتواتر، أَو من قبيل الآحاد = و إثباتُ المتواتر في الأَحاديث عَسيرٌ جدًّا؛ سيما على مذهب من لم يعتبر العدد في تحديده) (١)

ومع هذه الشروط التي زعموها في الخبر المتواتر = يبقى أَنّ هذا الخبر لا يقع الاحتجاج به متى قام الإمكان العقلي على تواطئ المخبرين فيما أخبروا به.

وفي تقرير ذلك يقول واصل بن عطاء (٢): (إنّ كلَّ خَبَرٍ لا يمكن التواطؤ، والتَراسُل، والاتفاق على غير التواطئ = فهو حُجَّةٌ؛ وما يصح ذلك فيه فهو مُطّرح) (٣)

فمدار القول والاحتجاج بالخبر عند مُقَدَّم المعتزلة ورئيسهم = هو انتفاء الإمكان العقلي على التواطئ والاتفاق على اختلاق الحديث؛ فإن أمكن التواطؤ سقط الاحتجاج، ولو اجتمعت سائر الشرائط المذكورة!

وقد تفطن الإمام ابن حبان - رحمه الله - إلى أَن محصلة اختراع هذا التقسيم


(١) "شروط الأئمة الخمسة" (١٤٢) وانظر: "الاعتصام" للشاطبي (١/ ١٨٨)،و"المنهج المُقترح "للدكتور الشَّريف حاتم العوني (٩٧ - ومابعدها) والإمام أبو بكر الحازمي (٥٤٨ - ٥٨٤ هـ) هو: محمد بن موسى بن عثمان الحازمي، الهمداني من الأئمة الحفاظ العالمين بفقه الحديث ومعانيه عُرف بالزهد والورع من مصنفاته: "الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من= =الحديث"، و "عجالة المبتدئ وفضالة المنتهي" في النسب = انظر: "سير أعلام النبلاء" (٢١/ ١٦٧)، "طبقات الشافعية" للسبكي (٧/ ١٣)
(٢) واصل بن عطاء (٨٠ - ١٣١ هـ):هو الغَزَّال مولى بني ضبة، رأس المعتزلة ومؤسس هذه الفرقة، كان تلميذاً للحسن البصري ثم اعتزله، من تصانيفه: "المنزلة بين المنزلتين"، و"معاني القرآن"=انظر: "الفهرست"لابن النديم (٢٠٩)،و"الملل والنحل" (٥٩)
(٣) "فضل الاعتزال وطبقات المعتزلة" للقاضي عبد الجبار (٢٣٤)

<<  <   >  >>