على أنه ينبغي أن يُعلم أنَّ هذا التقرير هو على تقدير صحة ما وصل إليه الطب، وبلوغه مبلغ القطعيات؛ وإلاّ فيبقى النظر متجها إلى التحقّق من هذا البلوغ وصحّته. بل لو وقع التعارُض بين السببين لوجب حينئذ تحرير النظر في كلا المدلولين، لا أن يُقضى على الخبر بالإلغاء لاحتمال تطرُّق الوهم إلى النتائج التي توصل إليها الطب، وأن الأمر لا يعدو أن يكون فرْضا، لا حقيقةً علميّةً.
وأما الجواب عن الاعتراض الثَّالث، فيقال: إن سبب انقداح هذه الاعتراض عند إسماعيل كردي أمران:
الأول: هو ظنه أنّ مقتضى نفوذ أثر الدعاء -عند توفر شروطه وانتفاء موانعه- بتجنيب المولود الشيطان؛ هو = ألاّ يحصل النخس والطعن له.
الأمر الثاني: ظنّه أن الطعن هو الضرر الذي يُجنَّبه المولود. فأمّا الأمر الأول فهو ناتج عن غلطه في فهم الحديث -في أحسن أحواله-؛ ذلك أنه لا يلزم من نفوذ أثر الدعاء ألاّ يحصل ما أخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم - من حصول الطعن؛ لأن المراد من الدعاء في الخبر النبوي أن تتحقق الحيلولة بين الإضلال والإغواء الذي سببهما الشيطان = والمولود.
فإن ادّعى مُدَّعٍ أنَّ لفظ الإغواء والإضلال ليسا واردَين في الحديث، فتقديرهما محْض تقوّل لما لم ينطق به الحديث.
فيقال: وكذلك تقدير لفظ الطعن وأنه هو الذي يجنّبه المولود وأنه هو الذي يجنّبه المولود = ليس واردًا في الخبر؛ فهو أيضًا محض تقوّل لا دليل عليه. هذا من جهة.
ومن جهة أخرى: أنّ المُقتضي لهذا التقدير: ما ثبت في حديث الباب من وقوع النخس لكلّ مولود-سوى ما استثناه الخبر-. وهذا التقدير لازمٌ؛ لاستقامة الحديث، وجريانه على السداد، دون تضارُب