للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حيثُ الدَّلالة = برهان جليٌّ يؤكّد صِدْق نِسبة تلك الأَخبار إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ولهذا كان من فِقْهِ الأئمَّةِ وعظيم بَصَرهم: أَنَّهم حين عَقْدِهم للمسائل العلميَّة الخبرية وغيرها، يُوردون الآيات، وما يتسق معها من الأحاديث؛ لتقْرير ما أرادوا الاحتجاج له.

وشواهد ذلك: ما تراه عند الإمام أحمد في كتابه: (الرَّد على ... الزنادقة والجهمية) وعند الإمام البخاري في (الجامع الصَّحيح) وعند الإمام ابن خزيمة (١) في (كتاب التوحيد وإثبات صفات الرب عز وجل) وغيرهم من أئمة السلف- رحمهم الله تعالى - فَدَرَج هؤلاء الأئمَّة مثلًا للاحتجاج على أحاديث النزول بالآيات الدالة على مجيء الله تعالى وإتيانه، وعلى الأحاديث الدالة على زيادة الإيمان بالآيات المطابقة لها. وغير ذلك من المسائل العلمية والعملية، التي تكْشِفُ على النَّظرةِ الشُموليَّة لهؤلاء الأئمَّة للوحي، وأنه من مِشْكاة واحدة يصدق بعضه بعضًا، ويوافق بعضه بعضًا؛ كما قال حسان بن عَطيَّة: (كان جبريل - عليه السلام - ينزل على النبي - صلى الله عليه وسلم -، بالسُّنةِ كما ينزل عليه بالقرآن يُعلِّمُهُ إيَّاها كما يُعلِّمه القُرآن) (٢)

وفي بيان هذا المعنى يقول شيخ الإسلام - رحمه الله -: (الأَحاديث الواردة الصحيحة في هذا الباب (٣) توافق القرآن، ويطابقها، ويَدلُّ على ما دلت


(١) ابن خزيمة (٢٢٣ هـ-٣١١ هـ): هو أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة بن المغيرة النيسابوري، إمام الأئمة الحافظ الفقيه، كان على مذهب الإمام الشافعي، من مصنفاته: "شأن الدعاء وتفسير الأدعية المأثورة" = انظر: "سير أعلام النبلاء" (٤/ ٣٧٩)
(٢) أخرجه الدَّارمي في "السُّنن" "المقدمة"،باب"السنة قاضية على الكتاب" (١/ ١٤٥) واللالكائي في "شرح أُصول اعتقاد أهل السُّنّة" (١/ ٩٣ - رقم [٩٩])،وأبو إسماعيل الهروي في "ذم الكلام" (٢/ ١٤٨ - ١٤٩ - رقم [٢٢٤])،والخطيب البغدادي في "الكفاية في علم الرِّواية" (٢٧) وقد صحَّح الحافظُ ابن حجر إسناده في "الفتح" (١٣/ ٣٥٧ - ط/دار السَّلام)
(٣) يعني: المسائل العلمية الاعتقادية.

<<  <   >  >>