للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لذاتها الروحانية لمحة من صورة الواقعات، فإنها عندما تكون روحانية تكون صور الواقعات فيها موجودة بالفعل كما هو شأن الذوات الروحانية كلها. وتصير روحانية بأن تتجرد عن المواد الجسمانية والمدارك البدنية، وقد يقع لها ذلك لمحةً بسبب النوم كما نذكر، فنقتبس بها علم ما تتشوّف إليه من الأمور المستقبليّة، وتعود بها إلى مداركها. فإنْ كان الاقتباس ضعيفًا وغير جليٍّ بالمحاكاة والمثال في الخيال لِتخلُّطِهِ؛ فيحتاج من هذه المحاكاة إلى التعبير. وقد يكون الاقتباس قويًا يُستغنى فيه عن المحاكاة؛ فلا يحتاج إلى تعبيرٍ لخلوصه من المثال والخيال .. ) (١) .

والمراد بالنفس الناطقة في كلام الراغب الأصفهاني وابن خلدون = النفس الإنسانية (٢) .

وممن فَسَّر الرُّؤيا تفسيرًا غيبيًا فيه مادة تناقض النصوص الشرعية = المازري - رحمه الله -؛ حيث فسر الرُّؤيا تفسيرًا ألغى فيه قانون السببية، اتساقًا مع المذهب الأشعري؛ الذي ينكر تأثير الأسباب في مسبباتها. وفي ذلك يقول: (والصحيحُ ما عليه أهل السنة: أنّ الله تعالى يخلق في النائم اعتقادات كما يخلقها في قلب اليقظان، فإذا خلقها جعلها عَلَمًا على أمور أخرى خلقها، أو يخلقها في ثاني الحال، ومهما وقع منها على خلاف المعتقد فهو كما يقع لليقظان، وقد يختلف. وتلك اعتقادات تقع تارةً بحضرة المَلَك، فيقع بعدَها ما يسرّه، وتارةً بحضرة الشّيطان فيقع بعدها ما يضرّه. والعلم عند الله) (٣) .


(١) "المقدمة" (١/ ٤٢٠) .
(٢) انظر: "كشاف اصطلاحات الفنون" للتهانوي (٣/ ١٣٩٨) .
(٣) "المُعْلِم" (٣/ ١١٥ - ١١٦) .

<<  <   >  >>