فإن لازم ذلك أن تكون الشَّمس في جميع أَحوالها ساجدة، فيبطل بذلك مدلول "حتى" المفيدة للغاية.
والجواب عن ذلك يقال: كون الشَّمس تحت العرش في جميع أحوالها لا يلزم من ذلك حصول السجود المذكور في الحديث في كل وقت، وإنما يتحقق السجود عند مسامتتها لجزء معين من العرش لا نعلمه.
وعلى هذا؛ فلا تناقض بين ما قرّر في الدلائل بأن العرش كالقبة على هذا العالم، وبين الثابت في هذا الحديث.
وليس في حصول السجود منها والاستئذان من ربِّها ما يعيق دورانها وحركتها. قال الإمام الخطابي - رحمه الله -: (يحتمل أن يكون المُراد باستقرارها تحت العرش أَنها تستقر تحته استقرارًا لا نحيط به نحن ... وليس في سجودها كل ليلةٍ تحت العرش ما يعيق عن دورانها في سيرها) . (١) . وَهذا السجود والاستئذان واقع في جُزْءٍ من الوقت - لا يعلمه إلا الله -؛ لا يلزم منه - كما سبق - حصول توقفٍ في سيرها يستنكره الناس؛ كما دل على ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: (ثم تجري لا يستنكر الناس منها شيئا)
وأمَّا الشبهة الثانية، وهي دعوى المعترض: أن الشَّمس لا عقل لها، ولا إدراك. فكيف تسجد سجود العاقل .. إلخ.
فالجواب عنها: بأن يقال:
ليس هناك ما يمنع - لا نقلًا ولا عقلًا - أن يكون للشمس إدراكٌ يناسب حالها؛ ليتحصّل به السجود والاستئذان. فالسجود والاستئذان الواقع من الشَّمس هو سجود حقيقي كما هو ظاهر الحديث، وليس
(١) نقله عنه الحافظ ابن حجر في"فتح الباري " (٨/ ٦٨٨ - ط/دار السلام) .