للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على نفسه» (١). وإنما ذاك مثل أن يُطْلَب بمالٍ قد وجب على غيره، وهو ليس وكيلًا ولا ضامنًا ولا له عنده مال، أو يُعاقَب بجريرة (٢) قريبه أو جاره، من غير أن يكون هو قد أذنب لا بترك واجبٍ ولا فعل محرَّم، فهذا الذي لا يحل.

فأما هذا فإنما يُعاقَب على ذنب نفسه، وهو أن يكون قد عَلِم مكان الظالم الذي يُطْلَب حضورُه لاستيفاء الحق، أو يعلم مكان المال الذي قد تعلق به حقوق المستحقين، فيمتنع من الإعانة والنُّصْرَة الواجبة عليه بالكتاب والسنة والإجماع؛ إما محاباةً وحميَّةً لذلك الظالم، كما قد يفعل أهل المعصية بعضهم لبعض (٣)، وإما مُعاداة وبغضًا للمظلوم، وقد قال الله تعالى: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: ٨]. وإما إعراضًا عن القيام لله، والقيام بالقسط الذي أوجبه الله تعالى، أو جُبْنًا وفشلًا وخذلانًا لدينه، كما يفعله التاركون لنصر دين الله ورسوله وكتابه (٤)، الذين إذا قيل لهم: انفروا في سبيل الله اثَّاقلوا إلى الأرض.


(١) أخرجه أحمد (١٦٠٦٤)، والترمذي (٢١٥٩)، والنسائي في «الكبرى» (٤٠٨٥)، وابن ماجه (٢٦٦٩)، والبيهقي: (٨/ ٢٧)، وغيرهم من حديث عمرو بن الأحوص - رضي الله عنه -. قال الترمذي: حديث حسن صحيح. وللحديث شواهد من حديث جماعة من الصحابة. انظر «البدر المنير»: (٨/ ٤٧٢ - ٤٧٤).
(٢) (ف): «أو يعاقب الرجل ... »، (ز): «بجريمة».
(٣) (ف): «ببعض».
(٤) بقية النسخ: «لنصر الله ورسوله ودينه وكتابه».

<<  <  ج: ص:  >  >>