للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المقدَّم ــ فتستحق مطالبته به قبل الدخول. وأما المؤجَّل إلى أجل مسمى ــ وهو الذي تسميه الناس: المؤخر ــ قد جرت عادةُ البواهل (١) هذا الزمان بأن يتزوجوا المرأة على مهرٍ مقدَّم ومهرٍ مؤخَّر، ويَشْتِرطا على ذلك قبل العقد عند الخِطبة غالبًا، ثم إذا عقدوا النكاح سمَّوا الجميعَ وأطلقوا، ولم يتعرضوا للفظ مقدَّم ولا مؤخَّر.

والشرطُ المتقدم على العقود بمنزلة المقارن (٢) عند عامة السلف، وهو المشهور من قول مالك وأحمد وغيرها، وعليه يدل الكتاب والسنة.

وإذا تزوجها على مقدَّم ومؤخَّر ولم يسمِّ أجلًا، فقد اختلف الفقهاء في صفحة هذه التسمية، وأكثر السلف على صحَّتها؛ لأن ما يقابلها من المنفعة ليس بمؤجَّل إلى أجل مسمى، بخلاف المنفعة في الإجارة.

ثم تنازعوا متى يحل المؤجَّل؟ فقال كثير منهم ــ أو أكثرهم ــ: يحل إذا تفرقا بموت أو طلاق ونحوه، وهذا مذهب أحمد وغيره. وعلى هذا فلا يستحق عامة نساء هذه الأزمان مطالبة الزوج بالمؤخَّر من الصداق حتى يتفارقا، وهذا هو الصواب؛ فإن الرجل لم يدخل على أنه حالٌّ عليه بمنزلة المقدَّم، وبمنزلة ما يحل من الأيمان والأجور، ولا المرأةُ ــ أيضًا ــ دخلت على أنها تتقاضى ما كان لها حالًّا من المقدَّم والثمن والأجرة، وإنما تتقاضاه حالِّيًّا عند مضارَّة الرجل لغرضٍ فاسدٍ يريد أن يفعله، أو لتخليه إلى طلاقها،


(١) جمع باهل، وهي المرأة إذا خلت من الزوج وليس لها ولد. «المعجم الوسيط»: (١/ ٧٤).
(٢) الأصل: «القارن».

<<  <  ج: ص:  >  >>