للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فسادًا، مع أنهم قد يكونون أعلى من غيرهم، كما قال تعالى: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: ١٣٩]، وقال تعالى: {فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} [محمد: ٣٥]، وقال: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} [المنافقون: ٨].

فكم ممن يريد العلوَّ ولا يزيده ذلك إلا سفولًا (١)، وكم ممن جعل (٢) من الأعْلَين (٣) وهو لا يريد العلوّ ولا الفساد، وذلك لأن [إرادة العلو على الخلق ظلم (٤)؛ لأن الناس من جنس واحد] (٥) فإرادة الإنسان أن يكون هو الأعلى ونظيره تحته ظلمٌ له. ثم مع أنه ظلم فالناس يبغضون (٦) من يكون كذلك (٧) ويعادونه؛ لأن العادل منهم ما يحب أن يكون مقهورًا لنظيره، وغير (٨) العادل منهم يُؤثِر أن يكون هو القاهر.

فمريدُ العلوِّ فسد عليه دينُه ودنياه بظلم الناس ومعاداتهم لذلك، فيحتاج لذلك إلى أعوانه يدفعون أعداءه، والأعوان في الحقيقة أعداء له، إنما يعينونه لما ينالونه من أهوائهم، فلهذا كان من طلبَ الرياسة إليه أحمقَ جاهلًا، وإنما


(١) (ي، ظ، ب، ل): «سفالًا».
(٢) الأصل: «يبخل»!
(٣) (ب): «العالمين»! و (ظ): «العالين».
(٤) سقطت من (ز) وعلق أحد المطالعين بما يشير إلى ذلك.
(٥) ما بين المعكوفين ليس في الأصل وهو في سائر النسخ.
(٦) الأصل: «يبغون»!
(٧) (ظ، ب): «يبغضون منه ذلك».
(٨) الأصل: «فهو»!

<<  <  ج: ص:  >  >>