للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سبقوا بها الخلق، وكان عثمان وعلي - رضي الله عنهما - متفاضِلَين (١) في الحلم والشجاعة، وفي الزهد في المال والزهد في الرياسة، وفي الجهاد بالنفس (٢) والجهاد بالمال، وفي العلم بالكتاب والعلم بالسنة، فيظهر فضل أحدهما في أحد النوعين كما يظهر فضل الآخر في النوع الآخر، وكما يظهر فضل أبي بكر وعمر في عامة ذلك عليهما، وكما يظهر فضلهم ــ رضوان الله عليهم ــ على مَن سواهم في عامة ذلك، وكما يظهر هدي محمد - صلى الله عليه وسلم - على هدي موسى وعيسى ــ صلوات الله عليهم أجمعين ــ.

وهؤلاء الأربعة هم الذين يجب على المسلمين عمومًا وعلى العلماء والأمراء خصوصًا أن ينظروا في سيرتهم ويقتدوا بهديهم بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإنه قد ثبت في «السنن» عن العِرْباض بن سارية أنه قال: خَطَبَنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خُطْبة ذرفت منها العيون ووجِلَت منها القلوب، فقال قائل: يا رسول الله كأنَّ هذه خطبة مودِّع فماذا تَعْهَد إلينا؟ فقال: «أوصيكم بتقوى الله تعالى وعليكم بالسمع والطاعة، فإنه مَن يعش منكم بعدي فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسَّكوا بها وعضُّوا عليها بالنواجذ، وإيّاكم ومحدَثات الأمور فإنّ كل بدعة ضلالة» (٣).


(١) الأصل: «متفاضلان».
(٢) تكررت في الأصل.
(٣) أخرجه أحمد (١٧١٤٢)، وأبو داود (٤٦٠٧)، والترمذي (٢٦٧٦)، وابن ماجه (٤٢)، وابن حبان «الإحسان» (٤٥)، والحاكم: (١/ ٩٥ - ٩٦) وغيرهم. قال الترمذي: حديث حسن صحيح، وصححه ابن حبان والحاكم والبزار والمصنف في «الفتاوى»: (٢٠/ ٣٠٩) وغيرهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>