قال المصنف رحمه الله:[وقد بسط هذا في موضع آخر، وبُين وجوب اتصافه بصفات الكمال التي لا نقص فيها بوجه من الوجوه].
اتصاف الباري سبحانه وتعالى بصفات الكمال واجب، وهذه الصفات واجبة في حقه سبحانه وتعالى؛ كصفة العلم، والسمع، والبصر، ونحوها.
فإن قال قائل: فصفات الأفعال كنزوله إلى السماء الدنيا ونحو ذلك؟
قيل: هذه الصفات من جهة نوعها وجنسها يقال عنه أنه واجب، ولذلك يمتنع على الله سبحانه وتعالى أن يكون معطلاً عن الفعل، وأما آحاد الأفعال؛ كإتيانه ومجيئه سبحانه وتعالى، فهذا متعلق بمشيئته وإرادته، فإن الله كما أخبر عن نفسه يخلق ما يشاء ويختار، ويفعل ما يشاء، وهو فعال لما يريد سبحانه وتعالى، وقد أخبرنا الله بجملة من أفعاله اللازمة والمتعدية، ولم يخبرنا بأكثر من ذلك، فإن الله سبحانه وتعالى لا يحيط بأفعاله وإرادته ومشيئته إلا هو سبحانه، ومن أفعاله التي أخبرنا بها: النزول إلى السماء الدنيا، فلما شاء سبحانه وتعالى وأراد النزول إلى السماء الدنيا كان هذا من أفعاله اللائقة به، وهو سبحانه وتعالى يشاء ما يريد؛ ولذلك شاء سبحانه وتعالى إرادةً منه وربوبيةً وحكمةً أن ينزل إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر، ولم يقدِّر سبحانه ولم يرد أن يكون هذا النزول قبل ذلك.
فقول المصنف:(إن ما أمكن له من الصفات وجب)، لا يشكل ما يرد في باب الصفات الفعلية، فإن باب الصفات الفعلية من حيث النوع والجنس باب واجب، فإنه يمتنع أن يقال: إن الله سبحانه وتعالى معطل عن الفعل، سواء كان هذا الفعل لازماً أو متعدياً، فإن هذه الأفعال واجبة، وهي من صفات كماله الواجب.