للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الأصل الذي بنى عليه ابن عربي قوله بوحدة الوجود]

قال المصنف رحمه الله: [وبينا أن المعدوم شيء أيضاً في العلم والذهن، لا في الخارج, فلا فرق بين الثبوت والوجود].

وهذا من باب مما يقوله ابن عربي، فقد بنى فلسفته في وحدة الوجود على مسألة المعدوم، وهل هو شيء أم ليس بشيء؟ وعلى مسألة: هل يفرق بين الثبوت والوجود أم لا يفرق؟ فعلى جوابه عن هاتين المقدمتين بنى قوله في مسألة وحدة الوجود، وهي نظرية فلسفية، وليس المقصود هنا أن نجيب عنها، إنما المقصود أن يقال: إنها لم تنشأ من سلوك فاضل عند ابن عربي، فإنه وإن كان متصوفاً وله سلوك معروف على طريقته، إلا أن هذه لم تنشأ عنده عن حال من التعبد الخاص، وإن كان الرجل له اشتغال بمقام من التنسك على طريقته، وهي طريقة غير مناسبة للطريقة الشرعية، فالرجل صوفي، وأيضاً متفلسف، وليس بالضرورة أن كل الصوفية متفلسفة، فإن جمهور الصوفية ليس متفلسفاً؛ بل من الصوفية من هم مقتصدون، ومنهم من هو من أهل السنة والجماعة، وهو لم يسمِ نفسه صوفياً، وإنما سماه بعض الناس صوفياً، وذلك كالفضيل كـ الفضيل بن عياض، وسهل بن عبد الله التستري، فهؤلاء لم يكونوا يسمون أنفسهم صوفية، إنما سماهم الناس صوفية، وبعضهم قد يسمي نفسه صوفياً، وينتسب إلى طريقة التصوف، لكن تكون حاله في الجملة مقاربة للسنة والجماعة، فهو ينتسب إلى أهل السنة والجماعة، وإن كان يوصف بالبدعة والتصوف من وجه آخر.

ولذلك فإن ابن تيمية يقسم الصوفية فيقول: صوفية المتفلسفة، وصوفية المتكلمين، وصوفية أصحاب السنة والحديث.

وهذا من باب التفصيل؛ لأن الإطلاق على الصوفية بحكم واحد لا يكون عدلاً في الجملة.

<<  <  ج: ص:  >  >>