يلاحظ تنوُّع الأدلة على بعض الصفات: فبعض الصفات جاءت بنص أو في سياق، وبعض الصفات -ولا سيما أصول الصفات؛ كعلم الله، وكعلوه، وكلامه، ونحو ذلك- جاءت دلائلها متنوعة.
ومن هنا قال بعض أهل العلم: إن أدلة العلو تقارب الألف دليل في الكتاب والسنة، وكذلك قالوا مثل ذلك عن كلام الله تعالى، وقد أخذوا ذلك من تنوع الأدلة، فمثلاً: صفة الكلام ثابتة بقول الله تعالى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً}[النساء:١٦٤] وثابتة بقوله: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ}[القصص:٦٢] وكل نص فيه ذكر مناداته سبحانه فإنه دليل على اتصافه بالكلام، وكل آية فيها ذكر قوله سبحانه فهي دليل على إثبات الكلام، مثل قوله تعالى:{إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ}[يس:٨٢] وقوله: {وَقَالَ رَبُّكُمْ}[غافر:٦٠] وكل آية فيها ذكر أمره سبحانه وتعالى فهي دليل على اتصافه بالكلام، كقوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ}[النساء:٥٨].
ومثله صفة العلو: فآيات ذكر الفوقية، وآيات ذكر أن الله في السماء، وآيات ذكر أنه في العلو، وغير ذلك، كلها دليل على إثبات صفة العلو.
ومن فوائد تنوع الأدلة -مع تحقيق الإيمان بذلك-: أنك إذا كنت عارفاً بتنوع الأدلة في هذه الصفة، وحاول المخالف تأويل آية من الآيات، فإن تأويل غيرها يكون ممتنعاً، فلو فرض جدلاً أن سياقاً من السياقات يمكن تأويله، فيقال: لو سلمنا أن هذا السياق يمكن تأويله فإن ثمة سياقات أخرى يمتنع فيها التأويل، وهذا أيضاً من باب رد ما يزعم المخالف أنه مختلف فيه إلى ما كان مؤتلفاً في حكمه.