[الرد الشرعي على شبهة أن الاشتراك في الاسم يستلزم التماثل]
وقد رد المصنف رحمه الله على هذه الشبهة وأبطلها من وجهين:
الوجه الأول -وهو الرد الشرعي-: أن القرآن ذكر هذه الصفات وسمى ببعضها المخلوقين، والقرآن لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، والله يقول:{وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا}[النساء:٨٢] فيمتنع أن يكون القرآن قد نفى التشبيه وأثبته في آن واحد؛ لأنه يلزم من ذلك أن ينسب القرآن إلى التناقض.
وقد أجاب المخالفون عن ذلك بالتأويل؛ لأنهم لم ينفوا وجود هذا الأمر في القرآن؛ بل قالوا: إنه موجود في القرآن، وهو مشكل، ولذلك لجئوا إلى التأويل، وقد منع شيخ الإسلام ابن تيمية التأويل وأغلقه؛ لأنه -كما يقول- يشارك طريقة الباطنية من حيث أنه يُجعل للآية معنيان مختلفان؛ بل متضادان: أحدهما ظاهر والآخر مؤول، وكلاهما يدل عليه كلام العرب، والأول يناقض الآخر، فإنهم يقولون: إن الظاهر دلت عليه الحقيقة، والمؤول دل عليه المجاز، والحقيقة والمجاز كلاهما سياق عربي.
إذا كان كذلك فإن هذا هو وجه الإغلاق عند شيخ الإسلام، وهذه المسألة فيها حكمة بينة.
ومنهم من زعم أن هذا للعامة، كما يقول ابن سينا، ومنهم من لم يرفع بذلك رأساً، وفسره تفسيراً رمزياً، كما يقول الباطنية، وقالوا: إن هذا للعامة، من جنس ما يقوله ابن سينا أيضاً.