قال المصنف رحمه الله:[بل وكذلك إمكان الرؤية بالعقل، لكن منهم من أثبتها بأن كل موجود تصح رؤيته، ومنهم من أثبتها بأن كل قائم بنفسه تمكن رؤيته، وهذه الطريق أصح من تلك.
وقد يمكن إثبات الرؤية بغير هذين الطريقين، بتقسيم دائر بين النفي والإثبات، كما يقال: إن الرؤية لا تتوقف إلا على أمور وجودية، فإن ما لا يتوقف إلا على أمور وجودية يكون الموجود الواجب القديم أحق به من الممكن المحدث.
والكلام على هذه الأمور مبسوط في غير هذا الموضع].
أشار المصنف إلى مثلين من الطرق العقلية لإثبات الرؤية، فإنها قد ثبتت بالسمع، كما هو في الدلائل، وتثبت أيضاً بالعقل، فإنه يقال: إن العقل يقضي أن كل موجود يمكن رؤيته، وهذه الطريقة فيها بعض التأخر عن الطريقة الفاضلة، وهي أن يقال: إن كل قائم بنفسه يمكن رؤيته، ورؤيته لا تستلزم نقصاً؛ لأن النقص إنما يكون في إدراكه، أي: إذا دخله الرؤية والإدراك لزم أن يكون ناقصاً ممكناً؛ وذلك كالمخلوقات كلها، فإنها إما أن تدرك، وإما أن تكون قابلة للإدراك؛ بخلاف الباري سبحانه فإنه يرى ولا يدرك، ولهذا كان قوله تعالى:{لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ}[الأنعام:١٠٣] مصدقاً لقوله: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ}[القيامة:٢٢] وموافقاً له.