[الاشتراك الذي نفته الأدلة بين الخالق والمخلوق من الأسماء والصفات]
وقوله:(وإنما نفت ما يستلزم اشتراكهما فيما يختص به الخالق، مما يختص بوجوبه أو جوازه أو امتناعه، فلا يجوز أن يشركه فيه مخلوق):
فقد نفت النصوص الشرعية وكذلك القواعد العقلية ما يتعلق بباب الخصائص، فإن كل ما اختص بالمخلوق، أو جاز للمخلوق؛ امتنع في حق الخالق، وكل ما وجب لله سبحانه وتعالى، أو حصله فعلاً من أفعاله المتعلقة بإرادته ومشيئته؛ امتنع أن يكون المخلوق متصفاً بهذه الصفة أو بهذا الفعل، أي: متصفاً بماهيتها، لا أن يكون مشاركاً في اسمها، فإن الاشتراك في الاسم هو اشتراك لفظي حرفي، وكذلك الاشتراك في المسمى المعنوي الكلي هو اشتراك ذهني، وأما الخصائص: فهي المضافات التي تخص بمعين، فإن هذا هو الذي يمتنع في هذا الباب.
قال المصنف رحمه الله:[وأما ما نفيته فهو ثابت بالشرع والعقل، وتسميتك ذلك تشبيهاً وتجسيماً تمويه على الجهال، الذين يظنون أن كل معنى سماه مسمٍ بهذا الاسم يجب نفيه، ولو ساغ هذا لكان كل مبطل يسمي الحق بأسماء وينفر عنها بعض الناس، ليكذب الناس بالحق المعلوم بالسمع والعقل.
وبهذه الطريقة أفسدت الملاحدة على طوائف من الناس عقولهم ودينهم، حتى أخرجوهم إلى أعظم الكفر والجهالة، وأبلغ الغي والضلالة].
وهذه سفسطة في العقليات، كما قال المصنف سابقاً أنهم سموا باب الإثبات تجسيماً، وهذا عنه جوابات وعليه سؤالات، وهذه طريقة حسنة في المناظرات: فإذا كنت مناظراً في مسألة وأورد عليك المخالف إيراداً، سواء كان اعتراضاً أو غيره، فإن ثمة طريقين في الرد عليه:
الأولى: أن يقال: الجواب عن هذا الإيراد كذا وكذا.
الثانية: هي فرض سؤالات على هذا الإيراد، وهذه الطريقة -في الغالب- أوسع في الذهن من طريقة الجواب، فإن بعض الناس قد يورَد عليه إيراد ولا يستطيع أن يجيب عنه، لكنه يستطيع أن يورد عليه سؤالاً، فإذا قالوا مثلاً: إن إثبات الاشتراك في الاسم المطلق هو التشبيه الذي نفته النصوص ..
فإن هذا عنه جواب فيما تقدم وما سيأتي، فإن تعذر الجواب على بعض الناس، أو لم يقرب من ذهنه، أمكنه أن يستعمل السؤال على المناظر له، فيقول مثلاً: وما هو المخرج من هذا التشبيه والتجسيم؟ وكيف السلامة من ذلك؟ وكيف يكون التنزيه لله سبحانه وتعالى والتحقيق لكماله؟
فإن قال: يكون ذلك بنفي الصفات، قيل: فهذا يمكن أن نسميه تشبيهاً بالجمادات، فإن قال بعدم قبوله مطلقاً، قيل: فيمكن أن يقول قائل: إن هذا تشبيه بالمعدومات ..