للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المثال الثالث: هل المعدوم شيء أم لا؟]

قال المصنف رحمه الله: [كما وقع الاشتباه في إثبات الأحوال ونفيها، وفي أن المعدوم هل هو شيء أم لا؟ وفي وجود الموجودات هل هو زائد على ماهيتها أم لا؟]

هذه كلها سؤالات مجملة، والإشكال: أن هذه السؤالات المجملة المبنية على اصطلاح دخله الاشتراط، قد جعلها البعض هي المحصل، فإذا حصل جواباً عن هذا السؤال، ربما جعل هذا الجواب موجباً لحكمه على قاعدة ضرورية من قواعد العقل والفطرة، وربما خالف ما هو فطريٌ عقلي ضروري من باب التزامه لجوابه عن هذا السؤال أو ذاك.

فمثلاً: هل المعدوم شيء؟ نجد أنهم التزموا نتيجة لهذا الجواب الذي رتبوه بطريقة محصلة في علوم الفلسفة، وبعض من التزم بهذا الجواب التزم له لوازم غالية، ولذلك فإن ابن عربي بنى ما عرف في فلسفته بوحدة الوجود على مقدمات فلسفية؛ بل بناه في جملته على أحد هاتين المقدمتين.

وهل المعدوم شيء؟ هذه الكلمة إذا أطلقت على بسائط العقول فإنه يقال: إن المعدوم ليس بشيء؛ لأن بسائط العقول الآدمية إذا ذكر الشيء عندها قصد به ما كان موجوداً، وأما قول من يقول: إن الشيء قد يفسر بالممكن، فيقال: هذا التفسير صحيح، ولكن يبقى أن هذا الاسم لا يكون على إطلاقه إلا حيث اقترن به التفسير.

فالمقصود: أن هؤلاء ربما دخلوا على بعض هذه السؤالات فأجابوا عنها، والتزموا لهذا الجواب ما هو من اللوازم الغالية في البطلان، كبناء مسألة وحدة الوجود على مثل هذه المقدمات التي ليس لها شأن عند التحقيق؛ لا من جهة الحقائق العقلية، ولا من جهة الحقائق الشرعية من باب أولى.

<<  <  ج: ص:  >  >>