للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الجواب عن هذا الاعتراض]

قال المصنف رحمه الله: [قيل: هب أن الأمر كذلك، ولكن إذا كان ذلك القدر المشترك لا يستلزم إثبات ما يمتنع على الرب سبحانه وتعالى، ولا نفي ما يستحقه، لم يكن ممتنعاً؛ كما إذا قيل: إنه موجود حي عليم سميع بصير، وقد سمى بعض المخلوقات حياً عليماً سميعاً بصيراً، فإذا قيل: يلزم أن يجوز عليه ما يجوز على ذلك من جهة كونه موجوداً حياً عليماً سميعاً بصيراً.

قيل: لازم هذا القدر المشترك ليس ممتنعاً على الرب تعالى؛ فإن ذلك لا يقتضي حدوثاً، ولا إمكاناً، ولا نقصاً، ولا شيئاً مما ينافي صفات الربوبية].

فقول المعترض: إن الشيء إذا شابه غيره من وجه -أي: اشترك معه من وجه- جاز عليه ما يجوز عليه من ذلك الوجه.

يقال له: هذا التلازم فيه إجمال، فإن قصد بالجواز الجواز الاسمي، فهذا الاسم ليس ممنوعاً، لكن الجواز الاسمي لا حقيقة له -حتى في مقام الأسماء- إلا مضافاً مختصاً، بمعنى: أن الجواز الاسمي لا حقيقة له في الأسماء إلا مضافاً مختصاً، فمثلاً: إذا قيل: السمع، فإنه إذا أطلق كان هذا لفظاً مطلقاً، بخلاف إذا ما أضيف فقيل: سمعه سبحانه وتعالى لكلام خلقه، أو قيل: سمع زيد لكلام عمرو، فإن الاسم هنا وقع مختصاً، ووقوعه مختصاً يقطع التماثل الاسمي من كل وجه، حتى في السياق والكلمات، فإنه لا يوجد في الخارج تطابق مطلق عند الإضافة والتخصيص؛ بل إن الاسم إذا أضيف كان المعنى مختصاً عند الإضافة والتخصيص، وإنما الاشتراك في الاسم المطلق ليس اسماً إضافياً، ولذلك سمي مطلقاً.

فالمقصود: أن المصنف يقول عن قولهم: إن الشيء إذا شابه غيره من وجه جاز عليه ما يجوز عليه: ماذا تقصدون بالجواز؟ فإن قصدتم الجواز الاسمي، قيل: هذا يقع، لكنه لا يوجد في الأسماء إلا مضافاً أو مختصاً, وأما إذا أطلق فإنه يمتنع أن يكون معيناً بالخالق سبحانه وتعالى، أو بمخلوق معين من المخلوقات.

وكذلك إذا ما قصدوا بالاشتراك الجائز هنا ما يتعلق بالمسمى الكلي، فإن هذا مقام آخر، أو قصدوا بالجواز ما يتعلق بالمسمى الإضافي المختص، فإن هذا مقام آخر، فالمقصود: أن قولهم: إن الشيء إذا شابه غيره جاز عليه ما يجوز عليه، يقال لهم: ما المقصود بهذا التشابه؟ وما المقصود بهذا الجواز؟ فإذا فسَّروا التشابه والجواز بما هو من الحقائق الصادقة؛ صدقت هذه الحقائق، وإن كان ينازع في تسمية هذا تشبيهاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>