للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الكلام على حديث: (الحجر الأسود يمين الله في الأرض)]

قال المصنف رحمه الله: [أما الحديث الواحد، فقوله: (الحجر الأسود يمين الله في الأرض، فمن صافحه وقبله فكأنما صافح الله وقبل يمنيه) صريح في أن الحجر الأسود ليس هو صفة لله، ولا هو نفس يمينه؛ لأنه قال: (يمين الله في الأرض)، وقال: (فمن قبله وصافحه فكأنما صافح الله وقبل يمينه)، ومعلوم أن المشبه غير المشبه به، ففي نص الحديث بيان أن مستلمه ليس مصافحاً لله، وأنه ليس هو نفس يمينه، فكيف يجعل ظاهره كفراً وأنه محتاج إلى التأويل؟! مع أن هذا الحديث إنما يعرف عن ابن عباس].

يبين المصنف أنه لسنا بحاجة إلى أن نقول: إن هذا من باب المجاز؛ بل إن من قرأ هذا الأثر، وقرأ سياقه كاملاً، لا يفقه منه أن الحجر الأسود هو يمين الله، أي: على الحقيقة، أنه صفة من صفاته القائمة بذاته، ولذلك قال ابن عباس: (فمن صافحه وقبله فكأنما صافح الله)، فقد جاء السياق هنا من باب الكناية والتشبيه ونحو ذلك، وليس من باب الحقائق التي هي من باب الصفات التي تليق بالله سبحانه وتعالى، ومعلوم أن الحجر الأسود هو حجر مخلوق خلقه الله سبحانه وتعالى، فيمتنع أن يكون صفة من صفات الباري القائمة بذاته؛ كيديه سبحانه وتعالى ونحو ذلك.

والإضافة في قوله: (يمين الله)، هي من باب إضافة التشريف، ومن المعلوم أن المضافات إلى الله تعالى ليست بالضرورة من باب الصفات والأفعال، وهذا مثل قولنا: (رسول الله)، فليس معنى ذلك أن الرسول صفة من صفات الله، إنما سمي برسول الله، أو نبي الله لأن الله أرسله، وبيت الله إنما سمي بذلك لأن الله جعلها قياماً للناس، وهذا من باب إضافة الاختصاص والتشريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>