قال المصنف رحمه الله: [وما من شيئين إلا ويجتمعان في شيء ويختلفان في شيء، فبينهما اشتباه من وجه وافتراق من وجه؛ ولهذا كان ضلال بني آدم من قبل التشابه -والقياس الفاسد لا ينضبط- كما قال الإمام أحمد رحمه الله:"أكثر ما يخطئ الناس من جهة التأويل والقياس"، فالتأويل في الأدلة السمعية، والقياس في الأدلة العقلية، وهو كما قال، والتأويل الخطأ إنما يكون في الألفاظ المتشابهة، والقياس الخطأ إنما يكون في المعاني المتشابهة].
قوله:(والتأويل الخطأ إنما يكون في الألفاظ المتشابهة):
أي: عند المتكلم بها، فإن التشابه لم يدخل عليها من جهة النصوص، وإنما لأنه بنى أو صدق بأصل استوجب هذا التصديق عنده أن يجعل هذه النصوص من المتشابهة، فإذا قيل مثلاً: لم حكم أئمة المعتزلة أو بعض متكلمة الصفاتية بأن آيات الصفات هي المتشابه في القرآن؟ قيل: هذا لم يحكموا به ابتداءً، وإنما عندما استعملوا الدليل العقلي -الدليل الكلامي- الذي قالوا: إنه معارض للنقل, فلما صدقوا بهذه المقدمة الكلامية؛ لزم من ذلك أن يجعلوا آيات الصفات من المتشابه، وأن يطلقوا هذا القول.