قال المصنف رحمه الله:[وقد بسط هذا في مواضع كثيرة، وبين فيها أن القدر المشترك الكلي لا يوجد في الخارج إلا معيناً مقيداً، وأن معنى اشتراك الموجودات في أمر من الأمور هو تشابهها من ذلك الوجه، وأن ذلك المعنى العام يطلق على هذا وهذا، لا أن الموجودات في الخارج يشارك أحدها الآخر في شيء موجود فيه، بل كل موجود متميز عن غيره بذاته وصفاته وأفعاله].
قوله:(لا أن الموجودات في الخارج يشارك أحدها الآخر في شيء موجود فيه):
أي: في معنىً إضافي مختص، فإن قيل: هل المعنى الكلي هو الذي يقال، ويفرق بينه وبين المعنى الإضافي؟ قيل: المعنى الكلي لا وجود له في الخارج، ولهذا لو قالوا: هل المعنى الكلي لائق بالله أم لائق بالمخلوق؟ قيل: إيراد هذا السؤال بهذه الصورة لا يكون محكماً من جهة العقليات؛ لأنه حينما يقال: إما أن يكون لائقاً بالله، وإما أن يكون لائقاً بالمخلوق, فإن كان لائقاً بالله امتنع في حق المخلوق، وإن كان لائقاً بالمخلوق امتنع في حق الخالق, فيكون هذا من باب التشبيه.
فيقال إذاً: إن هذا من باب الفروضات الذهنية، فإذا دخلنا في مسائل الإضافات، امتنع الإطلاق الكلي في الذهن، فإذا قيل: هذا المعنى هل هو لائق بالله أم بالمخلوق؟ قيل: هو معنى كلي.
وأما المعنى المختص بالخالق فلا شك أنه يختلف عن المعنى المختص بالمخلوق، وأما المعنى الكلي فإنه ليس مضافاً إلى الخالق بحيث يختص به ويكون ممنوعاً على مخلوقه، وليس مختصاً بالمخلوق فيكون مختصاً به ولا يليق بالله؛ بل هو معنى كلي مشترك.