أما بدعة نفي الصفات فهي بدعة منقولة، وقد انقسم أصحابها إلى ثلاث طوائف، وهذا ينبه عليه في كلام المصنف؛ لأنه قال:(ومن دخل في هؤلاء من الصابئة والمتفلسفة)، ولو حذفت الواو من قوله:(والمتفلسفة) -وقد تكون محذوفة في بعض النسخ مع أن المحقق لم يشر إليها- لكان أقرب إلى السياق هنا، فيكون السياق:(من الصابئة المتفلسفة)؛ لأن المصنف كأنه يريد هنا الإشارة إلى أن الذين حادوا عن سبيل أهل السنة والجماعة في باب الصفات وهم منتسبون إلى القبلة ثلاث نزعات، وأصولهم من الكفار والمشركين، ولا يعني هذا أنه يحكم عليهم بحكم الكفار ويقال أنهم كفار.
فالصابئة أئمتهم المتفلسفة، ومن هؤلاء الصابئة المتفلسفة ابن سينا وأمثاله -مع أن ابن تيمية في كتبه أحياناً يضيف ابن سينا إلى الباطنية- والجهمية هؤلاء يمثلون من يسمون بالمتكلمين كالمعتزلة ونحوها، والنزعة الثالثة: هي نزعة القرامطة الباطنية، مع أن الباطنية ليسوا وفقاً للقرامطة، ولكن كما أنه ذكر المتكلمين باسم الجهمية لكونهم هم أصل المادة، فكذلك القرامطة ذكر اسم الباطنية تحتهم لكونهم هم أصل المادة.