للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجه الأول: أن وصف الله تعالى بهذه النقائص أشد فساداً من نفي التحيز والتجسيم

قال المصنف رحمه الله: [أحدها: أن وصف الله تعالى بهذا النقائص والآفات أظهر فساداً في العقل والدين من نفي التحيز والتجسيم، فإن هذا فيه من الاشتباه والنزاع والخفاء ما ليس في ذلك، وكفر صاحب ذلك معلوم بالضرورة من دين الإسلام، والدليل معرِّف للمدلول، ومبين له، فلا يجوز أن يستدل على الأظهر الأبين بالأخفى؛ كما لا يفعل مثل ذلك في الحدود].

قوله: (أظهر فساداً من نفي التحيز والتجسيم)؛ لأن كلمة (التحيز) و (التجسيم)، كلمات فيها اشتراك وإجمال، وربما أن بعض العامة لا يستطيع أن يفهم ما المقصود بالتحيز أصلاً إلا إذا فسر له ببسائط من المعاني.

وهؤلاء كما يقال: (صنعوا زحمة في التاريخ!!)، وإلا فما كانت هذه المسائل تحتاج إلى كل هذا الكلام، فإن مسائل الصفات -كما سبق كثيراً- مسائل كانت واضحة للمسلمين في زمن النبوة؛ بل وحتى المشركين الذين كانوا يسمعون القرآن ولم يصدقوا به لم يكونوا يستعملون من طرق عدم التصديق أن فيه ذكراً لهذه الصفات والأفعال، لكن لما دخل هذا العلم (علم الكلام) وهو علم -كما أسلفت كثيراً- مبني على مقدمات فلسفية، أو مرتب من جملة مواد فسلفية، فلما دخل جاءت هذه الإشكالات، وهذه الفرضيات، وهذا التناقض بين أصحابه، ولذلك فإن المتكلمين لم يتفقوا على حكم واحد في باب الصفات؛ بل منهم من نفى الصفات، ومنهم من نفى بعضاً وأثبت بعضاً, ومنهم من أثبت الصفات وأثبت التجسيم، فإن الكرامية متكلمة، ومحمد بن كرام متكلم، وكذلك المعتزلة متكلمة، والكلابية والماتريدية وأمثالهم من متكلمة الصفاتية متكلمة؛ فتبين بذلك أن علم الكلام يستلزم التناقض، وأصحابه قد حصلوا به نتيجة مختلفة متناقضة.

<<  <  ج: ص:  >  >>