للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[معنى الإحكام العام]

قال المصنف رحمه الله: [قال تعالى: {الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ} [هود:١] فأخبر أنه أحكم آياته كلها، وقال تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ} [الزمر:٢٣] فأخبر أنه كله متشابه.

والحكم: هو الفصل بين الشيئين، والحاكم يفصل بين الخصمين، والحكمة: فصل بين المشتبهات علماً وعملاً، إذا ميز بين الحق والباطل، والصدق والكذب، والنافع والضار، وذلك يتضمن فعل النافع وترك الضار، فيقال: حكمت السفيه، وأحكمته، إذا أخذت على يده، وحكمت الدابة وأحكمتها إذا جعلت لها حكمةً، وهو ما أحاط بالحنك من اللجام، وإحكام الشيء إتقانه، فإحكام الكلام إتقانه بتمييز الصدق من الكذب في أخباره، وتمييز الرشد من الغي في أوامره].

فالإحكام العام بمعنى الإتقان، أي: أن ما فيه من الخبر فهو صادق، وما فيه من الشرع والأمر فهو رشد وعدل ونفع للناس، وما إلى ذلك، فإذا قيل: إن القرآن محكم, أي: محكم من جهة صدق خبره، ومن جهة صدق أمره ورشده.

قال المصنف رحمه الله: [والقرآن كله محكم بمعنى الإتقان، فقد سماه الله حكيماً بقوله: {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ} [يونس:١] فالحكيم بمعنى الحاكم، كما جعله يقص بقوله: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} [النمل:٧٦] وجعله مفتياً في قوله: {قُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ} [النساء:١٢٧] أي: ما يتلى عليكم يفتيكم فيهن، وجعله هادياً ومبشراً في قوله: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ} [الإسراء:٩]].

وهذا كله معنى الإحكام العام الذي هو: الإتقان، والضبط، والصحة، والصدق، ونحو ذلك من الكلمات.

<<  <  ج: ص:  >  >>