للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أقسام خلق الله]

قال المصنف رحمه الله: [وقوله: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس:٨٢]].

خلق الله سبحانه وتعالى يقع على وجهين:

الوجه الأول: أن يكون خلقه سبحانه وتعالى لشيء بمحض الأمر، وهو المذكور في مثل قوله: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس:٨٢].

الوجه الثاني: أن يكون خلقه سبحانه وتعالى على قدر من التقدير والتدبير وتسلسل الأسباب، كخلقه لآدم، وكخلقه للسماوات والأرض، وغير ذلك من مخلوقاته.

فإما أن يكون خلقاً سببياً، أي: معتبراً بتسلسل الأسباب؛ كخلق بني آدم، فإن زيد بن عمرو هو ولد لعمرو ولأمه، فخلق بهذين الأبوين على جهة السببية.

ومن خلقه سبحانه وتعالى ما كان مقطوعاً عن الأسباب، إنما يخلق الشيء بمحض الأمر، كخلقه سبحانه وتعالى للحية في قصة موسى، فإن العصا انقلبت حية لما أمرها الله أن تكون حيةً، فقد خلقت بمحض الأمر، والحيات الأخرى خلقت بتسلسل الأسباب، والله هو الخالق للسبب والمسبَّب.

وسائر ما يقع في الكون هو من تقديره وخلقه وأمره سبحانه وتعالى.

والملائكة سبب في خلق الله، وقد غلط بعض المتأخرين فقال كلمة يُعْجَب منها، وقد توجد في بعض الكتب التي يتداولها الناس، قال: "إن كل ما يحدث في الكون هو بأثر الملائكة وتدبيرهم"، وهذا غلط، فإن الملائكة عباد مكرمون، وقد بيَّن الله سبحانه وتعالى أن لهم عملاً، وأنهم مشغولون بأمر الله وتدبيره لهم؛ ولكن ليس في كتاب الله أو سنة نبيه صلى الله عليه وسلم أن الملائكة قد أحاطوا بشأن الملكوت، أو أنهم يدبرون سائر ما يكون، لكن هناك أمور من أمره سبحانه وتعالى تدبرها الملائكة بتدبير الله وأمره لهم، ولكن أن يقال: إن كل ما يقع هو بأثر الملائكة، فإن هذا غير صحيح؛ بل يقع ما هو بأثر الملائكة، ويقع ما هو بمحض أمره سبحانه وتعالى وخلقه، وغير ذلك.

قال المصنف رحمه الله: [وقوله تعالى: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ * هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ * هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [الحشر:٢٢ - ٢٤]].

هذا تفصيل لأسمائه تعالى: {الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ} [الحشر:٢٤] وغير ذلك من الأسماء الحسنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>